إمَّا على معنى هو أعلم المضلين أي: مَنْ يجد الضلال، وهو مَنْ أضللته أي: وجدته ضالاًّ مثل أَحْمَدْتُه أي: وجدتُه محموداً أو بمعنى أنه يضلُّ عن الهدى «. قلت: ولا حاجة إلى ارتكاب مثل هذا في مثل هذه الأماكن الحرجة، وكان قد عَبَّر قبل ذلك بعبارات استعظمْتُ النطق بها فضربت عنها إلى أمثلةٍ من قولي.
والذي تُحْمَلُ عليه هذه القراءة ما تقدَّم من المختار وهو النصب بمضمر. وفاعل «يُضِلّ»
على هذه القراءة ضمير يعود على الله تعالى على معنى يجده ضالاً أو يخلُق فيه الضلال، لا يُسأل عما يَفعل. ويجوز أن يكون ضمير «مَنْ» أي: أعلم مَنْ يضلُّ الناس. والمفعول محذوف. وأمَّا على القراءة الشهيرة فالفاعل ضمير «مَنْ» فقط. و «مَنْ» يجوز أن تكون موصولةً وهو الظاهر، وأن تكون نكرةً موصوفة، ذكره أبو البقاء.
وقوله تعالى: ﴿فَكُلُواْ﴾ : في هذه الفاءِ وجهان أحدهما: أنها جوابُ شرطٍ مقدر. قال الزمخشري بعد كلام: «فقيل للمسلمين: إن كنتم متحققين بالإِيمان فكُلوا». والثاني: أنها عاطفة على محذوف قال الواحدي: «ودخلت الفاءُ للعطف على ما دلَّ عليه أولُ الكلام كأنه قيل: كونوا على الهدى فكلوا، والظاهر أنها عاطفة على ما تقدَّم من مضمون الجمل المتقدمة كأنه قيل: اتَّبِعوا ما أمركم الله مِنْ أكل المُذَكَّى دون الميتة فكُلوا.
قوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ﴾ : مبتدأ وخبر، وقوله «أن لا تأكلوا» فيه قولان أحدهما: هو على حذف حرف الجر أي: أيُّ شيء استقر في منع الآكل ممَّا ذُكِرَ اسم الله عليه، وهو قول أبي إسحاق الزجاج، فلمَّا حُذِفَتْ «في» جرى القولان المشهوران، ولم يذكر الزمخشري غير هذا


الصفحة التالية
Icon