كما أحيينا المؤمنين، وقدَّره آخرون: زُيّن للكافرين تزييناً لكونِ الكافرين في ظلمات مقيمين فيها، والفاعل المحذوف مِنْ «زُيِّن» المنوبُ عنه هو الله تعالى، ويجوز أن يكون الشيطان، وقد صَرَّح بكل من الفاعلين مع لفظ «زَيَّن» قال تعالى: ﴿زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ﴾ [النمل: ٤] وقال تعالى: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أَعْمَالَهُمْ﴾ [العنكبوت: ٣٨] و ﴿مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ هو القائمُ مقامَ الفاعل، و «ما» يجوز أن تكون موصولة اسميةً أو حرفيةً أو نكرة موصوفة، والعائد على القول الأول والثالث محذوف دون الثاني عند الجمهور، على ما عُرِفَ غيرَ مرة. وقال الزجاج: «موضع الكاف رفعٌ، والمعنى: مثل ذلك الذي قَصَصْنا عليك زُيِّن للكافرين أعمالهم».
قوله تعالى: ﴿وكذلك جَعَلْنَا﴾ قيل: «كذلك» نَسَقٌ على «كذلك» قبلها ففيها ما فيها، وقَدَّره الزمخشري بأن معناه: وكما جعلنا في مكة صناديدَها ليمكروا فيها، كذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها «واللام في» ليمكروا «يجوز أن تكون للعاقبة وأن تكون للعلةِ مجازاً، و» جَعَلَ «تصييريةٌ فتتعدَّى لاثنين، واختُلف في تقديرهما، والصحيح أن تكون ﴿فِي كُلِّ قَرْيَةٍ﴾ مفعولاً ثانياً قُدِّم على الأول، والأول» أكابرَ «مضافاً لمجرميها. والثاني: أن ﴿فِي كُلِّ قَرْيَةٍ﴾ مفعول أيضاً مقدم،» أكابر «هو الأول و» مجرميها «بدلٌ من» أكابر «ذكر ذلك أبو البقاء. الثالث: أن يكون» أكابر «مفعولاً ثانياً قُدِّم و» مجرميها «مفعول أول أُخِّرَ، والتقدير: جَعَلْنا في كل قرية مجرميها أكابر،