كما قدَّره الناس وهو: مثل ذلك الجَعْل أي جَعْلِ الصدرِ ضيقاً حرجاً يجعل اللهُ الرجس، كذا قدَّره مكي وغيره، و «يجعل» يُحتمل أن تكونَ بمعنى «ألقى» وهو الظاهر فتتعدَّى لواحد بنفسها وللآخر بحرف جر، ولذلك تَعدَّتْ هنا ب على، والمعنى: كذلك يلقي اللهُ العذاب على الذين لا يؤمنون، ويجوز أن يكون بمعنى صَيَّر أي: يُصَيِّره مُسْتعلياً عليهم محيطاً بهم، والتقدير الصناعي: مستقراً عليهم.
وقوله تعالى: ﴿مُسْتَقِيماً﴾ : حال من «صراط»، والعامل فيه أحد شيئين: إمَّا «ها» لِما فيها من معنى التنبيه، وإمَّا «ذا» لما فيه من معنى الإِشارة وهي حال مؤكدة لا مبيِّنة، لأنَّ صراط الله لا يكون إلا كذلك.
قوله تعالى: ﴿لَهُمْ دَارُ﴾ : يحتمل أن تكون هذه الجملة مستأنفة فلا محلَّ لها كأن سائلاً سأل عَمَّا أعدَّ الله لهم فقيل له ذلك، ويحتمل أن يكون حالاً من فاعل «يَذَّكَّرون» ويحتمل أن يكون وصفاً لقوم، وعلى هذين الوجهين فيجوز أن تكون الحال أو الوصف الجارَّ والمجرور فقط ويرتفع «دار السلام» بالفاعلية، وهذا عندهم أولى؛ لأنه أقرب إلى المفرد من الجملة، والأصل في الوصف والحال والخبر الإِفراد فما قَرُبَ إليه فهو أَوْلَى
و ﴿عِندَ رَبِّهِمْ﴾ حال من «دار»، والعامل فيها الاستقرار في «لهم». والسلامُ والسَّلامة بمعنى، كاللَّداد واللَّدادة، ويجوز أن ينتصب «عند» بنفس السلام لأنه مصدر أي: يُسَلِّم عليهم عند ربهم أي: في جنته، ويجوز أن ينتصب بالاستقرار في «لهم». وقوله «وهو وليُّهم» يحتمل أيضاً الاسنئناف، وأن يكون حالاً أي: لهم دار السلام، والحال أن الله وليُّهم وناصرهم. و «بما كانوا» الباء سببية و «ما» بمعنى الذي أو نكرةٌ أو مصدريَّة.