وتوسُّعاً واكتفاءً بالربط المعنوي، وكانت الثواني فما بعدها بالحذف أوْلى، وأمَّا في هود فيقدَّر قبل قوله» إني لكم «: فقال، بالفاء على الأصل. وجاء هنا ﴿مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ﴾ فلم يَعْطِفْ هذه الجملةَ المنفيَّة بفاءٍ ولا غيرها لأنها مبينة ومنبِّهة على اختصاص الله تعالى بالعبادة ورَفْضِ ما سواه وكانت في غاية الاتصال.
وقال ابن عطية: «وقرأ ابن عامر» المَلَوُ «بواو وهي كذلك في مصاحف الشام، وهذه القراءة ليست مشهورةً عنه».
قوله ﴿لَنَرَاكَ﴾ يجوز أن تكون القلبيةَ فتتعدَّى لاثنين ثانيهما «في ضلال»، وأن تكون البصريةَ وليس بظاهر فالجارُّ حال، وجعل الضلالَ ظرفاً مبالغةً في وَصْفهم له بذلك، وزادوا في المبالغة بأن أكَّدوا ذلك بأنْ صَدَّروا الجملة ب «إنَّ» وفي خبرها اللام.
وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ﴾ : مِنْ أحسنِ الردَّ وأبلغه لأنه نفى أن تلتبسَ به ضلالةٌ واحدة فضلاً عن أن يحيطَ به الضلال، ولو قال لستُ ضالاً لم يؤدِّ هذا المؤدَّى. وقوله: «ولكني» جاءت «لكن» هنا أحسنَ مجيء لأنها بين نقيضين، لأن الإِنسان لا يخلو من أحد شيئين: ضلال أو هدى، والرسالة لا تجامع الضلالَ. و «من رب» صفة لرسول و «مِنْ» لابتداء الغاية المجازية.


الصفحة التالية
Icon