وحَذَفَ أيضاً متعلَّق الإِيمان في الثانية لدلالة الأول عليه، إذ التقديرُ: لم يؤمنوا بالذي أُرْسِلْتَ به، والوصفُ بقوله «منكم» الظاهر أو المقدر هو الذي سَوَّغ وقوعَ «طائفة» اسماً ل «كان» من حيث إن الاسم في هذا الباب كالمبتدأ، والمبتدأ لا يكون نكرةً إلا بمسوغٍ تقدَّم التنبيه عليه.
قوله: ﴿فاصبروا﴾ يجوز أن يكونَ الضميرُ للمؤمنين من قومه، وأن يكونَ للكافرين منهم، وأن يكونَ للفريقين، وهذا هو الظاهرُ، أُمِر المؤمنون بالصبر ليحصُل لهم الظفرُ والغَلَبَةُ، والكافرون مأمورون به ليَنْصُرَ الله عليهم المؤمنين لقولِه تعالى: ﴿قُلْ تَرَبَّصُواْ﴾ [الطور: ٣١] أو على سبيلِ التنازع معهم أي: اصبروا فستعلمون مَنْ ينتصر ومن يَغْلب، مع علمه بأن الغلبةَ له. و «حتى» بمعنى «إلى» فقط، وقوله: «بيننا» غَلَّب ضميرَ المتكلمِ على المخاطب، إذ المرادُ: بيننا جميعاً مِنْ مؤمنٍ وكافرٍ، ولا حاجةَ إلى ادِّعاءِ حَذْفِ معطوفٍ تقديره: بيننا وبينكم.
قوله تعالى: ﴿والذين آمَنُواْ﴾ : عطفٌ على الكاف، و «يا شعيبُ» اعتراضٌ بين المتعاطفَيْن.
قوله: «أو لَتَعُودُنَّ» عَطَفَ على جواب القسم الأول، إذ التقدير: واللهِ لنخرجنَّكَ والمؤمنين أو لتعودُنَّ. فالعَوْدُ مسندٌ إلى ضمير النبي ومَنْ آمن معه. و «عاد» لها في لسانهم استعمالان: أحدهما وهو الأصلُ أنه الرجوعُ إلى ما كان عليه من الحال الأول. والثاني استعمالُها بمعنى صار، وحينئذ ترفعُ الاسمَ وتنصِبُ الخبر، فلا تكتفي بمرفوعٍ وتفتقر إلى منصوب، وهذا عند