قوله: ﴿مِّنْ خِلاَفٍ﴾ يحتمل أن يكونَ المعنى: على أنه يقطع من كل شق طرفاً فيقطع اليدَ اليمنى والرِّجْل اليسرى وكذا هو في التفسير، فيكونُ الجارُّ والمجرور في محلِّ نصبٍ على الحال كأنه قال: مختلفةً. ويُحتمل أن يكونَ المعنى: لأقطِّعَنَّ لأجل مخالفتكم إيَّاي فتكون «مِنْ» تعليليةً، وتتعلَّق على هذا بنفس الفعلِ وهو بعيدٌ. وأجمعين تأكيد، أي به دون «كل» وإن كان الأكثرُ سَبْقَه ب كل. وجيء هنا ب «ثم» وفي السورتين «ولأصلبنَّكم» بالواو، لأن الواوَ صالحةٌ للمهلة فلا تَنافِيَ بين الآيات.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّآ إلى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ﴾ : جَوَّزوا في هذا الضميرِ وجهين، أحدهما: أنه يَخُصُّ السَّحَرة، ويؤيِّده قولُه بعد ذلك: ﴿وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ﴾ فإن الضميرَ في «مِنَّا» يَخُصُّهم، وجَوَّزوا أن يعودَ عليهم وعلى فرعون، أي: إنَّا نحن وأنت ننقلب إلى الله، فيجازي كلاً بعمله، وهذا وإن كان هو الواقعَ إلا أنه ليس من هذا اللفظ.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَنقِمُ﴾ : قد تقدَّم أنَّ فيه لغتين وكيفيةُ تعدِّيه ب «من»، وأنه على التضمين، في سورة المائدة. وقوله: ﴿إِلاَّ أَنْ آمَنَّا﴾ يجوز أن يكونَ في محلِّ نصب مفعولاً به، أي: ما تَعيب علينا إلا إيمانَنا. ويجوز أن يكونَ مفعولاً مِنْ أجله، أي: ما تنال منَّا وتعذِّبنا لشيءٍ من الأشياء إلا لإِيماننا. وعلى كلا القولَيْن فهو استثناءٌ مفرغ.
قوله: ﴿لَمَّا جَآءَتْنَا﴾ يجوز أن تكونَ ظرفيةً كما هو رأي الفارسي وأحد قولي سيبويه. والعاملُ فيها على هذا «آمنَّا» أي: آمنَّا حين مجيء الآيات،


الصفحة التالية
Icon