الكلام حَذْفٌ تقديره: ومِمَّن خلقنا للجنة، يدل على ذلك ما ثبت لمُقابِلهِمْ، وهو قوله: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ﴾ [العراف: ١٧٩].
قوله تعالى: ﴿والذين كَذَّبُواْ﴾ : يجوز فيه وجهان، أظهرهما: أنه مبتدأ وخبره الجملة الاستقبالية بعده. والوجه الثاني: أنه منصوب على الاشتغال بفعلٍ مقدَّرٍ تقديرُه: سنستدرج الذين كذَّبوا والاستدراج: التقريبُ منزلةً منزلةً والأخذ قليلاً قليلاً، من الدَّرَج لأن الصاعد يرقى درجةً درجة وكذلك النازل. وقيل: هو مأخوذ من الدَّرْج وهو الطيّ ومنه: «دَرَجَ الثوبَ» : طواه، و «دَرَجَ الميتَ» مثله. والمعنى: تُطوى آجالهم.
وقرأ النخعي وابن وثاب: «سَيَسْتَدْرِجُهم» بالياء، فيحتمل أن يكون الفاعلُ الباريَ تعالى، وهو التفاتٌ من التكلم إلى الغيبة، وأن يكون الفاعلُ ضميرَ التكذيب المفهوم مِنْ قوله «كذَّبوا». وقال الأعشى في الاستدراج:
٢٣٤٩ - فلو كنتَ في جُبٍّ ثمانين قامةً | ورُقِّيْتَ أسبابَ السماءِ بسُلَّمِ |
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ القولُ حتى تَهِرَّهُ | وتَعْلَمَ أنِّي عنكمُ غيرُ مُلْجَمِ |
قوله تعالى: ﴿وَأُمْلِي﴾ : جَوَّز أبو البقاء فيه أن يكون خبر مبتدأ مضمر، أي: وأنا أُملي، وأن يكون َمستأنفاً، وأن يكونَ معطوفاً على «