الجمهورُ على رفع «براءة» وفيه وجهان، أحدهما: أنها رفعٌ بالابتداء، والخبرُ قولُه: «إلى الذين». وجاز الابتداءُ بالنكرة لأنها تخصَّصَتْ بالوصفِ بالجارِّ بعدها. والثاني: أنها خبرُ ابتداءٍ مضمرٍ أي: هذه الآياتُ براءةٌ. ويجوز في: «من الله» أن يكون متعلقاً بنفس «براءة» لأنها مصدرٌ، وهذه المادةُ تتعدَّى ب «مِنْ» تقول: بَرِئت مِنْ فلانٍ أَبْرَأُ بَراءة أي: انقطعت العُصْبَةُ بيننا. وعلى هذا فيجوز أن يكونَ المسَوِّغُ للابتداء بالنكرة في الوجه الأول هذا. و «إلى الذين» متعلقٌ بمحذوف على الأول لوقوعِه خبراً، وبنفس «بَراءة» على الثاني. ويقال: بَرِئْتُ وبَرَأت من الدين بالكسر والفتح. وقال الواحدي: «ليس فيه إلا لغةٌ واحدة: كسرُ العين في الماضي، وفتحُها في المستقبل» وليس كذلك، بل نَقَلَهما أهلُ اللغة.
وقرأ عيسى بن عمر «براءةً» بالنصب على إضمار فعل أي: اسمعوا براءةً. وقال ابن عطية: «أي، الزموا براءةً، وفيه معنى الإِغراء».


الصفحة التالية
Icon