حتى غاية لِمَا تضمَّنه الاستفهامُ، أي: ما كان له أن يأذن لهم حتى يتبيَّنَ له العُذْر». قلت: وفي هذه العبارةِ بعَضُ غضاضة.
قوله تعالى: ﴿أَن يُجَاهِدُواْ﴾ : فيه وجهان: أظهرهما: أنه متعلَّقُ الاستئذان، أي: لا يستأذنوك في الجهاد، بل يَمْضون فيه غير مترددين. والثاني: أن متعلق الاستئذان محذوف و «أن يُجاهدوا» مفعولٌ من أجله تقديره: لا يستأذنك المؤمنون في الخروج والقعودِ كراهةَ أن يُجاهدوا بل إذا أَمَرْتهم بشيءٍ بادروا إليه.
قوله تعالى: ﴿لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً﴾ : العامَّةُ على «عُدّة» بضم العين وتاء التأنيث وهي الزَّادُ والراحلةُ وجميعُ ما يَحْتاج إليه المسافرُ.
وقرأ محمد بن عبد الملك بن مروان وابنهُ معاوية «عُدَّةُ» كذلك إلا أنه جعل مكان تاء التأنيث هاء ضمير غائب تعود على الخروج. واختُلِف في تخريجِها فقيل: أصلُها كقراءة الجمهور بتاء التأنيث، ولكنهم يحذفونها للإِضافةِ كالتنوين. وجعل الفراء من ذلك قولَه تعالى: ﴿وَإِقَامَ الصلاة﴾ [النور: ٣٧]، ومنه قولُ زهير:

٢٤٨٨ - إنَّ الخَلِيْطَ أجَدُّوا البَيْنَ فانْجَرَدُوا وأَخْلَفُوك عِدَ الأمرِ الذي وَعدُوا
يريد: عِدَّة الأمرِ. وقال صاحب «اللوامح» : لمَّا أضافَ جعل الكناية


الصفحة التالية
Icon