يَحْذَر» متعدٍّ بنفسِه لقوله تعالى: ﴿وَيُحَذِّرْكُمُ الله نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٣٠] لولا أنه متعدٍّ في الأصل لواحدٍ لَما اكتسب التضعيف مفعولاً ثانياً، ويدلُّ عليه أيضاً ما أنشده سيبويه:

٢٥١١ - حَذِرٌ أُموراً لا تَضيرُ وآمِنٌ ما ليسَ مُنْجيَه من الأَقْدارِ
وفي البيت كلامٌ، قيل: إنه مصنوع، وهو فاسد أتقنت حكايته في «شرح التسهيل» وقال المبرد: «إنَّ» حَذِر لا يتعدى «قال: لأنه من هَيْئات النفسِ كفَزِع، وهذا غير لازم فإنَّ لنا من هيئات النفس ما هو متعدٍ كخاف وخشِي فإنَّ» تُنَزَّل «عند المبرد على إسقاط الخافض أي: مِنْ أَنْ تُنَزَّل. وقوله» تُنَبِّئهم «في موضع الرفع صفةً ل» سورة «.
قوله تعالى: ﴿أبالله﴾ : متعلقٌ بقوله: «تستهزئون» و «تستهزئون» خبرُ كان. وفيه دليلٌ على تقديم خبر كان عليها، لأنَّ تقديمَ المعمول يُؤْذِن بتقديم العامل، وقد تقدم معمول الخبر على «كان» فَلْيَجُزْ تقديمُه بطريق الأولى. وفيه بحث: وذلك أن ابنَ مالك قَدَح في هذا الدليلِ بقوله تعالى: ﴿فَأَمَّا اليتيم فَلاَ تَقْهَرْ وَأَمَّا السآئل فَلاَ تَنْهَرْ﴾ [الضحى: ٩-١٠] قال: «فاليتيم والسائل قد تَقَدَّما على» لا «الناهية والعاملُ فيهما ما بعدها، ولا يجوز تقديم ما بعد» لا «الناهية عليها لكونه مجزوماً بها، فقد تقدَّم المعمولُ حيث لا يتقدَّم العامل. ذكر ذلك عند استدلالهم على جواز تقديم خبر ليس بقوله: ﴿أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ﴾ [هود: ٨].


الصفحة التالية
Icon