تلك المقدمة «يعني أنه استغنى عن أَنْ يكونَ التركيبُ: وخاضوا فخضتم كالذي خاضوا.
وفي قوله: ﴿كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ﴾ إيقاعٌ للظاهر موقع المضمرِ لنُكْتةٍ: وهو أن كانَ الأصلُ: فاستمتعتم فخَلاقكم كما استمتعوا بخلاقِهم، فأبرزهم بصورةِ الظاهر تحقيراً لهم كقوله تعالى: ﴿لاَ تَعْبُدِ الشيطان إِنَّ الشيطان كَانَ للرحمن عَصِيّاً﴾ [مريم: ٤٤] وكقوله قبل ذلك: ﴿المنافقون والمنافقات بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ﴾ ثم قال: ﴿إِنَّ المنافقين هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: ٦٧]. وهذا كما يدل بإيقاع الظاهر موقعَ المضمرِ على التفخيم والتعظيم يدلُّ به على عكسِه وهو التحقير.
قوله تعالى: ﴿قَوْمِ نُوحٍ﴾ : بدلٌ من الموصول قبلَه وهو ويَحْتمل أن يكونَ بدلَ كل من كل إن كان المرادُ بالذين ما ذُكِر بعده خاصة، وأن يكونَ بدلٌ بعضً مِنْ كل إنْ أريد به أعمَّ من ذلك.
والمُؤْتَفكات أي: المُنْقَلبات يُقال: أَفَكْتُه فانتفك أي: قَلَبْته فانقلب، والمادةُ تدل على التحوُّل والتصرف ومنه ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ / أُفِكَ﴾ [الذاريات: ٩] أي: يُصْرَف. والضمير في «أَتَتْهم» يجوز أن يعودَ على مَنْ تقدَّم، وخَصَّه بعضُهم بالمؤتفكات.
وقوله تعالى: ﴿ [بَعْضُهُمْ] أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ﴾ : وقال في المنافقين ﴿مِّن بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٦٧] إذ لا ولايةَ بين المنافقين. وقوله «يَأْمُرون» كما تقدم في نظيره. والسينُ في «سيرحمهم الله» للاستقبال، إذ المراد رحمةٌ خاصةٌ