نحو: سَوِدَ فهو أسود، ولم يمتنع التعجب ولا بناء أفعل التفضيل عند البصريين مِنْ نحو سَوِدَ وحَمِرَ وأَدِمَ إلا لكونه لوناً. وقد أجاز ذلك بعض الكوفيين في الألوان مطلقاً، وبعضهم في السواد، والبياض فقط «، قلت: تنظيره به ليس بفاسد، لأنَّ مرادَه بناءُ أفعل مما زاد على ثلاثة أحرف وإن لم يكن على وزن أَفْعَل، وسَوِد وإن كان على ثلاثةٍ لكنه في معنى الزائد على ثلاثة، إذ هو في معنى أسود، وحَمِرَ في معنى أحمر، نصَّ على ذلك النحويون، وجعلوه هو العلةَ المانعةَ من التعجب في الألوان.
وقرأ الحسنُ وقتادة ومجاهد والأعرج ونافعٌ في روايةٍ:»
يَمْكرون «بياء الغيبة جَرْياً على ما سَبَق. والباقون بالخطابِ مبالغةً في الإِعلام بمكرهم والتفاتاً لقوله:» قل الله «، إذ التقديرُ: قل لهم، فناسَبَ الخطابَ. وفي قوله:» إنْ رسلَنا «التفاتٌ أيضاً، إذ لو جرى على قوله:» قل الله «، لقيل: إنَّ رسله.
قوله تعالى: ﴿يُسَيِّرُكُمْ﴾ : قراءةُ ابنِ عامر مِن النَّشْر ضد الطيّ، والمعنى: يُفَرِّقكم ويَبُثُّكم. وقرأ الحسن: «يُنْشِركم» مِنْ أَنْشَر، أي: أَحْيا وهي قراءةُ ابنِ مسعود أيضاً. وقرأ بعض الشاميين «يُنْشِّركم» بالتشديد للتكثير مِن النَّشْر الذي هو مطاوع الانتشار. وقرأ الباقون «يُسَيِّركم» من التَّسْيير، والتضعيفُ فيه للتعديةِ تقول: سار الرجل وسَيَّرْتُه أنا. وقال الفارسي: «هو تضعيفُ مبالغةٍ لا تضعيفُ تعديةٍ، لأنَّ العربَ تقول:» سِرْتُ الرجلَ وسيَّرته «، ومنه قول الهذلي:


الصفحة التالية
Icon