بمعجزين الله. وقال الزجاج: «أي: ما أنتم مِمَّن يُعْجِزُ مَنْ يُعَذِّبكم». ويجوز أن يكونَ استُعْمل استعمَال اللازم؛ لأنه قد كثُر فيه حَذْفُ المفعولِ حتى قالت العرب: «أعْجزَ فلانٌ» : إذا ذهب في الأرض فلم يُقْدَرْ عليه.
قوله تعالى: ﴿لاَفْتَدَتْ بِهِ﴾ :«افتدى» يجوز أن يكون متعدياً وأن يكونَ قاصراً، فإذا كان مطاوعاً ل «فَدَى» كان قاصراً تقول: فَدَيْتُه فافتدى، ويكونُ بمعنى فَدَى فيتعدى لواحد. والفعلُ هنا يحتملُ الوجهين: فإنْ جعلناه متعدياً فمفعولُه محذوفٌ تقديرُه: لافتدَتْ به نفسَها، وهو في المجاز كقولِه: ﴿كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا﴾ [النحل: ١١١].
وقوله: ﴿وَأَسَرُّواْ﴾ / قيل: «أسرَّ» مِنَ الأضداد، يُسْتعمل بمعنى أظهر، كقوله الفرزدق:

٢٥٩٩ - ولمَّا رأى الحجَّاجَ جرَّد سيفَه أسَرَّ الحَرُوريُّ الذي كانوا أضمرا
وقول الآخر:
٢٦٠٠ - فأسرَرْتُ الندامةَ يوم نادى بِرَدِّ جِمالِ غاضِرةَ المُنادي
ويُسْتعمل بمعنى: «أخفى» وهو المشهورُ في اللغةِ كقوله: ﴿يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾ [النحل: ١٩] وهو في الآيةِ يحتمل الوجهين. وقيل: إنه ماض على بابه قد وقع. وقيل: بل هو بمعنى المستقبل. وقد أبعدَ بعضُهم فقال: «أسرُّوا الندامةَ» أي: بَدَتْ بالندامة أسِرَّةُ وجوهِهم أي: تكاسيرُ جباهِهم.
و ﴿لَمَّا رَأَوُاْ﴾ يجوز أن تكونَ حرفاً، وجوابُها محذوف لدلالة ما تقدَّم


الصفحة التالية
Icon