المصدرية اسماً فيعود عليها ضميرٌ، وقد نبَّهْتُك غيرَ مرةٍ أن مذهبَ الأخفش وابن السراج أنها اسمٌ فيعود عليها الضمير.
وقرأ العامَّةُ» نَطْبع «بالنون الدالة على تعظيم المتكلم. وقرأ العباس بن الفضل بياء الغيبة وهو الله تعالى، ولذلك صرَّح به في موضعٍ آخرَ ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله﴾ [الأعراف: ١٠١]. والكافُ نعتٌ لمصدر محذوف، أو حالٌ من ضمير ذلك المصدرِ على حسبِ ما عرفته من الخلاف، أي: مثلَ ذلك الطَّبْع المُحْكمِ الممتنعِ زوالُه نطبع على قلوب المُعْتدين على خَلْق الله.
وقرأ مجاهد وابن جبير والأعمش «لساحر» اسم فاعل، والإِشارة ب «هذا» حينئذٍ إلى موسى، أُشير إليه لتقدُّم ذكره، وفي قراءةِ الجماعةِ المشارُ إليه الشيءُ الذي جاء به موسى من قَلْبِ العصا حَيَّةً وإخراج يده بيضاء كالشمس. ويجوز أن يُشارَ ب «هذا» في قراءةِ ابن جبير إلى المعنى الذي جاء به موسى مبالغةً، حيث وَصَفوا المعاني بصفاتِ الأعيانِ كقولهم: «شعرٌ شاعرٌ» و «جَدَّ جَدُّه».
قوله تعالى: ﴿أَتقُولُونَ﴾ : في معمولِ هذا القولِ وجهان/، أحدهما: أنه مذكورٌ، وهو الجملةُ من قوله: «أسحرٌ هذا» إلى آخره، كأنهم قالوا: أجئتما بالسحر تطلبانِ به الفلاحَ ولا يفلح الساحرون، كقولِ موسى على نبيِّنا وعليه وعلى سائر الأنبياء أفضلُ الصلاة والسلام للسحرة: ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السحر إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ﴾. والثاني: أن معموله محذوفٌ، وهو مدلولٌ عليه بما تقدَّم ذكرُه، وهو: إن هذا لسحرٌ مبين. ومعمولُ القول يُحذف للدلالةِ عليه كثيراً، كما يُحذف نفسُ القولِ كثيراً،