ومثلُ الآية في حَذْفِ المقول قولُ الشاعر:

٢٦١٦ - لَنحن الأُلى قُلْتُمْ فأنَّى مُلِئْتُمُ برؤيتنا قبلَ اهتمامٍ بكمْ رُعْبا
وفي كتاب سيبويه: «متى رأيت أو قلت زيداً منطلقاً» على إعمال الأول، وحَذْفِ معمولِ القول، ويجوز إعمالُ القولِ بمعنى الحكاية به فيقال: «متى رأيت أو قلت زيد منطلق»، وقيل: القول في الآية بمعنى العَيْب والطعن، والمعنى: أتعيبون الحق وتَطْعنون فيه، وكان مِنْ حَقِّكم تعظيمُه والإِذعانُ له مِنْ قولهم: «فلان يخاف القالة»، و «بين الناس تقاوُلٌ»، إذا قال بعضهم لبعض ما يسْوءُه، ونَحْوُ القولِ الذكرُ في قوله: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦٠] وكلُّ هذا ملخَّصٌّ من كلام الزمخشري.
قوله تعالى: ﴿أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا﴾ : اللامُ متعلقةٌ بالمجيء أي: أجئت لهذا الغرض، أنكروا عليه مجيئَه لهذه العلة. واللَّفْتُ: الَّليُّ والصَرْفُ، لَفَتَه عن كذا أي: صَرَفَه ولواه عنه. وقال الأزهري: «لَفَتَ الشيءَ وفَتَلَه: لواه، وهذا من المقلوب» قلت: ولا يدعى فيه قَلْبٌ حتى يَرْجَعَ أحدُ اللفظين في الاستعمال على الآخر، ولذلك لم يَجْعلوا جَذَبَ وجَبَذَ وحَمِدَ ومَدَح من هذا القبيل لتساويهما. ومطاوعُ لَفَتَ: التَفَتَ. وقيل: انفتل، وكأنهم استَغْنَوا بمطاوع «فَتَل» عن مطاوع لَفَتَ، وامرأة لَفُوت: أي: تَلْتَفِتُ لولدها عن زوجها إذا كان الولد لغيره، واللَّفِيْتَةُ: ما يَغْلُظُ من العَصِيدة.


الصفحة التالية
Icon