من الجبابرة ليتَّعِظوا بذلك. وقرىء «لمَنْ خَلَقَك» بالقاف فعلاً ماضياً وهو الله تعالى أي: ليجعلك الله آيةً في عباده. ويجوز أن ينتصب «مُبَّوَّأ» على أنه مفعولٌ ثانٍ كقولِه تعالى: ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الجنة غُرَفَاً﴾ أي: لنُنْزِلَنَّهُمْ.
قوله تعالى: ﴿فَإِن كُنتَ﴾ : في «إنْ» هذه وجهان، الظاهر منهما: أنها شرطيةٌ، ثم استشكلوا على ذلك أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكنْ في شك قط. قال الزمخشري: «فإن قلت كيف قال لرسوله: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ﴾ مع قوله للكفرة: ﴿وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾ [هود: ١١٠] ؟ قلت: فرقٌ عظيم بين إثباته الشكَّ لهم على سبيل التوكيد والتحقيق، وبين قوله:» فإن كنت «بمعنى الفَرَض والتمثيل». وقال الشيخ: «وإذا كانت شرطيةً فقالوا: إنها تدخُل على الممكنِ وجودُه أو المحقَّقِ وجودُه المبهمِ زمنُ وقوعِه كقوله تعالى: ﴿أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون﴾ [الأنبياء: ٣٤]. قال» والذي أقولُه إنَّ «إنْ» الشرطية تقتضي تعليق شيءٍ على شيء، ولا تستلزمُ تحتُّمَ وقوعِه ولا إمكانَه، بل قد يكون ذلك في المستحيل عقلاً كقولِه تعالى: ﴿إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين﴾ [الزخرف: ٨١]، ومستحيلٌ أن يكونَ له ولدٌ فكذلك [هذا]، مستحيلٌ أن يكون في شك، وفي المستحيل عادةً كقوله تعالى: ﴿فَإِن استطعت أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأرض﴾ [الأنعام: ٣٥] لكنَّ وقوعَها في تعليق المستحيل قليلٌ «. ثم قال:» ولمَّا خَفِي هذا