فَجَعَل المحذوفَ» نَظَرُهم ووَكْدُهم «وهذا مبتدأ، فإن جعلْتَ ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ في موضعِ نصبٍ ب» نَظَرُهم «بقي المبتدأ بلا خبر، فَيَحْتاج إلى إضمار خبر، وإن جعلت ﴿أَيُّهُمْ أَقْرَبُ﴾ [هو] الخبر لم يَصِحَّ؛ لأنَّ نظرَهم ليس هو أيهم أقرب، وإنْ جَعَلْتَ التقدير: نَظَرُهم في أيهم أقربُ، أي: كائنٌ أو حاصلٌ، لم يَصِحَّ ذلك؛ لأنَّ كائناً وحاصلاً ليس ممَّا يُعَلِّق».
قلت: فقد تحصَّل في الآيةِ الكريمةِ ستةُ أوجهٍ، أربعةٌ حالَ جَعْلِ «أيّ» استفهاماً. الأولُ أنها مُعَلِّقةٌ للوسيلة كما قرَّره الزمخشري. الثاني: أنها مُعَلَّقَةٌ ل «يَدْعُون» كما قاله أبو البقاء. الثالث: أنها مُعَلِّقَةٌ ل «يَنْظرون» مقدَّراً، كما قاله الحوفيُّ. الرابع: أنها مُعَلَّقةٌ ل «نَظَرُهُمْ» كما قدَّره ابن عطية. واثنان حالَ جَعْلِها موصولةً، الأول: البدلُ مِنْ واو «يَدْعُون» كما قاله أبو البقاء. الثاني: أنها بدلٌ مِنْ واو «يَبْتَغون» كما قاله الجمهور.
قوله تعالى: ﴿وَإِن مِّن قَرْيَةٍ﴾ :«إن» نافيةٌ و «مِنْ» مزيدةٌ في المبتدأ لاستغراقِ الجنس. وقال ابنُ عطية: «هي لبيانِ الجنسِ، وفيه نظرٌ مِنْ وجهين، أحدهما قال الشيخ:» لأنَّ التي للبيان لا بُدَّ أَنْ يتقدَّمَها مبهمٌ ما، تُفَسّره كقوله: ﴿مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ﴾ [فاطر: ٢]، وهنا لم يتقدَّم شيءٌ مبهمٌ «. ثم قال» ولعلَّ قولَه لبيانِ الجنسِ من الناسخِ، ويكون هو قد قال: لاستغراقِ الجنس، ألا ترى أنه قال بعد ذلك: «وقيل: المرادُ الخصوصُ».
وخبرُ المبتدأ الجملةُ المحصورةُ مِنْ قولِه: ﴿إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا﴾.


الصفحة التالية
Icon