التامَّةَ، فتكونَ مسندةً إلى «أنْ» وما في حَيِّزها إذ لو كانت ناقصةً على أَنْ يكونَ ﴿أَن يَبْعَثَكَ﴾ خبراً مقدماً، و «ربُّك» اسماً مؤخراً، لَزِمَ من ذلك محذورٌ: وهو الفصلُ بأجنبي بين صلة الموصول ومعمولِها، فإنَّ «مَقاماً» على الأوجه الثلاثةِ الأُوَلِ منصوبٌ ب «يَبْعَثُكَ» وهو صلةٌ ل «أَنْ» فإذا جَعَلْتَ «رَبُّك» اسمَها كان أجنبياً من الصلة فلا يُفْصَلُ به، وإذا جَعَلْتَه فاعِلاً لم يكن أجنبياً فلا يُبالَى بالفصلِ به.
وأمَّا على الوجه الرابع فيجوز أن تكونَ التامَّةَ والناقصةَ بالتقديم والتأخير لعدم المحذورِ؛ لأنَّ «مقاماً» معمولٌ لغير الصلة، وهذا من محاسِنِ صناعة النحو، وتقدَّم لك قريبٌ مِنْ هذا في سورةِ إبراهيم عليه السلام في قولِه تعالى: ﴿أَفِي الله شَكٌّ فَاطِرِ﴾ [إبراهيم: ١٠].
قوله تعالى: ﴿مُدْخَلَ صِدْقٍ﴾ : يحتمل أن يكونَ مصدراً، وأن يكونَ ظرفَ مكان وهو الظاهر. والعامَّةُ على ضم الميم فيهما لسَبْقهما فعلٌ رباعي. وقرأ قتادة وأبو حيوة وإبراهيم بن أبي عبلة وحميد بفتحِ الميمِ فيهما: إمَّا لأنهما مصدران على حَذْفِ الزوائد ك ﴿أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً﴾ [نوح: ١٧]، وإمَّا لأنهما منصوبان بمقدَّرٍ موافقٍ لهما تقديره: فادْخُلْ مَدْخَلَ واخرُجْ مَخْرَج. وقد تقدَّم هذا مستوفى في قراءةِ نافع في سورة النساء، وأنه قَرَأ كذلك في سورة الحج.
ومُدْخَلُ صِدْقٍ ومُخْرَجُ صِدْقٍ من إضافة التبيين، وعند الكوفيين من


الصفحة التالية
Icon