وهذه الجملةُ المنفيَّةُ يُحتمل أَنْ تكونَ مِنْ كلام الله، فتكونَ مستأنفةً، وأن تكونَ مِنْ كلامِ الرسولِ فتكونَ منصوبةَ المحلِّ لاندراجِها تحت القولِ في كلتا القراءتين.
قوله: ﴿بَشَراً رَّسُولاً﴾ كما تقدَّم مِنَ الوجهين في نظيره، وكذلك قولُه ﴿لَنَزَّلْنَا [عَلَيْهِم] مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً﴾.
قوله تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِي الأرض﴾ : يجوز في «كان» هذه التمامُ، أي: لو وُجِد وحَصَل، و «يمشون» صفةٌ ل «ملائكةٌ» و ﴿فِي الأرض﴾ متعلقٌ به، و «مطمئنين» حالٌ من فاعل «يَمْشُون». ويجوز أن تكونَ الناقصةَ، وفي خبرها أوجهٌ، أظهرُها: أنه الجارُّ، و «يَمْشُون» و «مطمئنين» على ما تقدَّم. وقيل: الخبر «يَمْشُون» و ﴿فِي الأرض﴾ متعلِّق به. وقيل: الخبرُ «مطمئنين» و «يَمْشُون» صفةٌ. وهذان الوجهان ضعيفان لأنَّ المعنى على الأول.
قوله تعالى: ﴿وَمَن يَهْدِ الله﴾ : يجوز أن تكونَ هذه الجملةُ مندرجةً تحت المَقُولِ، فيكون محلُّها نصباً، وأن تكونَ مِنْ كلامِ اللهِ، فلا مَحَلَّ لها لاستئنافِها، ويكون في الكلامِ التفاتٌ؛ إذ فيه خروجٌ مِنْ غَيْبَةٍ إلى تكلُّم في قوله «ونَحْشُرهم».
وحُمِل على لفظِ «مَنْ» في قولِه «فهو المهتدِ» فَأُفْرِد، وحُمِل على معنى «مَنْ» الثانيةِ في قولِه ﴿وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ﴾. فجُمعَ. ووجهُ المناسبةِ في ذلك -والله أعلم -: أنه لمَّا كان الهَدْي شيئاً واحداً غيرَ متشعبِ السبلِ ناسَبَه التوحيدُ، ولمَّا كان الضلالُ له طرقٌ نحو: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن