قوله: ﴿أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ﴾ :«أنَّ» وما في حَيِّزها في محل الرفع لقيامِها مَقامَ الفاعل الذي حُذِف في ﴿أُوحِيَ إِلَيْنَآ﴾. وسببُ بنائِه للمفعول خوفاً أن يَبْدُرَ مِنْ فرعونَ بادرةٌ لمَنْ أوحى لو سَمَّياه، فَطَوَيا ذِكْرَه تَعظيماً له واستهانَةً بالمخاطب.
قوله: ﴿ياموسى﴾ : نادى موسى وحدَه بعد مخاطبته لهما معاً: إمَّا لأنَّ موسى هو الأصلُ في الرسالة، وهارونُ تَبَعٌ ورِدْءٌ ووزيرٌ، وإمَّا لأنَّ فرعونَ كان لخُبْثِه يعلمُ الرُّتَّة التي في لسان موسى، ويعلم فصاحةَ أخيه بدليلِ قوله ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً﴾ [القصص: ٣٤] وقوله: ﴿وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف: ٥٢] فأراد استنطاقَه دون أخيه، وإمَّا لأنه حَذَفَ المعطوفَ للعلمِ به أي: يا موسى وهارون. قاله أبو البقاء، وبدأ به، ولا حاجةَ إليه، وقد يُقال: حَسَّنَ الحذفَ كونَ موسى فاصلةً، لا يُقال: كان يُغني في ذلك أَنْ تُقَدِّمَ هارون وتؤخِّرَ موسى فيقال: يا هارونُ وموسى فتحصُلُ مجانسةٌ الفواصلِ مِنْ غيرِ حَذْفٍ لأنَّ البَدْءَ بموسى أهمُّ فهو المبدوءُ به.
قوله: ﴿أعطى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ﴾ : في هذه الآية وجهان: أحدهما: أن يكونَ «كلَّ شيءٍ» مفعولاً أولَ، و «خَلْقَه» مفعولاً ثانياً على معنى: أعطى كلَّ شيءٍ شكلَه وصورَته، الذي يطابقُ المنفعةَ المنوطةَ


الصفحة التالية
Icon