وحَمَّاد بن سلمة «لا يُضِلُّ» بضم الياء أي: لا يُضِلُّ ربي الكتابَ أي: لا يُضَيِّعه يقال: أَضْلَلْتُ الشيءَ أي: أضعتُه.
ف «ربي» فاعلٌ على هذا التقدير. وقيل: تقديرُه: لا يُضِلُّ أحدٌ ربي عن علمه أي: عن علم الكتاب، فيكون الربُّ منصوباً على التعظيم.
وفرَّق بعضُهم بين ضَلَلْتُ وأَضْلَلْت فقال: «ضَلَلْتُ منزلي»، بغيرِ ألفٍ، و «أَضْلَلْت بعيري» ونحوَه من الحيوان بالألفِ. نقل ذلك الرمانيُّ عن العرب، وقال الفراء: «يقال: ضَلَلْتُ الشيءَ إذا أَخطأْتَ في مكانه وضَلِلْتُ لغتان، فلم تهتدِ له، كقولك: ضَلَلْتُ الطريقَ والمنزلَ ولا يُقال: أَضْلَلْتُه إلاَّ إذا ضاع منك كالدَّابة انفلَتَتْ، وشبهِها.
قوله: ﴿وَلاَ ينسى﴾ في فاعل»
ينسى «قولان، أحدهما: أنه عائدٌ على» ربي «أي: ولا ينسى ربي ما أَثْبَتَه في الكتاب. والثاني: أنَّ الفاعلَ ضميرٌ عائدٌ على الكتاب على سبيل المجاز، كما أُسند إليه الإِحصاءُ مجازاً في قوله ﴿إِلاَّ أَحْصَاهَا﴾ [الكهف: ٤٩] لمَّا كان مَحَلاًّ للإِحصاء.
قوله: ﴿الذي جَعَلَ لَكُمُ﴾ : في هذا الموصولِ وجهان، أحدُهما: أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ، أو منصوبٌ بإضمار «أمدح»، وهو على هذين التقديرين مِنْ كلامِ الله تعالى لا مِنْ كلامِ موسى، وإنما احْتجنا إلى ذلك لأنَّ قولَه ﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ﴾، وقوله: ﴿كُلُواْ وارعوا أَنْعَامَكُمْ﴾ وقولَه ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ﴾ إلى قوله ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ﴾ لا يَتَأتَّى أن يكونَ مِنْ كلام موسى؛ فلذلك جَعَلْناه من كلامِ الباري تعالى. ويكون فيه التفاتٌ من ضمير الغَيْبةِ إلى ضمير المتكلِّم المعظمِ نفسَه، فإن قلتَ: أجعلهُ مِنْ كلامِ موسى، يعني أنه وَصَفَ ربَّه تعالى بذلك ثم


الصفحة التالية
Icon