مِنْ يَحِلَّنَّ، ونونِ التوكيد المشددة أي: لا تتعرَّضوا للطُغْيان فيحقَّ عليكم غضبي، وهو من باب «لا أُرَيَنَّك ههنا».
وقرأ زيدُ بن علي «ولا تَطْغُوا» بضم الغين مِنْ طغا يَطْغُوا، كغَدا يَغْدو.
وقوله: ﴿فَيَحِلَّ﴾ يجوز أن يكونَ مجزوماً عطفاً على «لا تَطْغَوا» كذا قال أبو البقاء، وفيه نظر؛ إذ المعنى ليس على نَهْيَ الغضبِ أن يَحِلَّ بهم. والثاني: أنَّه منصوبٌ بإضمارِ ِ «أَنْ» في الجواب. وهو واضحٌ.
قوله: ﴿وَمَآ أَعْجَلَكَ﴾ : مبتدأٌ وخبرٌ و «ما» استفهاميةٌ عن سببِ التقدُّم على قومِه. قال الزمخشري: «فإن قلت:» ما أَعْجلك «سؤالٌ عن سببِ العَجَلة، فكان الذي ينطبقُ عليه من الجواب أَنْ يُقَالَ: طَلَبُ زيادةِ رضاك والشوقِ إلى كلامِك وتَنَجُّزِ مَوْعِدك. وقوله: ﴿هُمْ أولاء على أَثَرِي﴾ كما ترى غيرُ منطبقٍ عليه. قلت: قد تَضَمَّنَ ما واجَهَه به رَبُّ العزةِ شيئين، أحدهما: إنكارُ العَجَلة في نفسها. والثاني: السؤالُ عن سببِ المُسْتَنْكَر والحاملِ عليه، فكان أهمُّ الأمرَيْن إلى موسى بَسْطَ العُذْرِ وتمهيدَ العلةِ في نفس ما أَنْكر عليه، فاعتَلَّ بأنه لم يوجَدْ مني إلاَّ تقدُّمٌ يسيرٌ، مثلُه لا يُعْتَدُّ به في العادةِ ولا يُحتفل به، وليس بيني وبين مَنْ سبقتُه إلاَّ مسافةٌ قريبةٌ، يتقدَّمُ بمثلِها الوفدَ رأسُهم ومقدمتُهم. ثم عَقَّبه بجوابِ السؤالِ عن السبب فقال: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لترضى﴾.