وأيُّ نظرٍ في هذا؟ وقد نَصَّ سيبويه على أنَّه مصدرٌ بمعنى الإِقامة وإنْ كان الأكثرُ الإِقامةَ بالتاء، وهو المقيسُ في مصدر أفْعَل إذا اعتلَّتْ عينُه. وحَسَّن ذلك أنه قابَلَ ﴿وَإِيتَآءَ الزكاة﴾ وهو بغير تاءٍ، فتقع الموازنةُ بين قولِه ﴿وَإِقَامَ الصلاة وَإِيتَآءَ الزكاة﴾.
وقال الزجاج: «حُذِفَتِ التاءُ مِنْ إقامة لأنَّ الإِضافةَ عوضٌ عنها» وهذا قولُ الفراءِ: زعم أنَّ التاءَ تُحْذَفُ للإِضافةِ كالتنوين. وقد تقدم بَسْطُ القولِ في ذلك عند قراءةِ مَنْ قرأ في براءة ﴿عُدَّةً ولكن كَرِهَ﴾ [التوبة: ٤٦].
قوله: ﴿وَلُوطاً آتَيْنَاهُ﴾ :«لُوْطاً» منصوبٌ بفعلٍ مقدَّرٍ يُفَسِّره الظاهرُ بعدَه، تقديره: وآتَيْنا لوطاً آتَيْناه، فهي من الاشتغالِ. والنصبُ في مثلِه هو الراجحُ؛ ولذلك لم يُقرَأْ إلاَّ به لعَطْفِ جملتِه على جملةٍ فعليةٍ، وهو أحدُ المُرَجِّحات.
قوله: ﴿مِنَ القرية﴾ أي: من أهلِ. يدلُّ على ذلك قولُه بعد ذلك: ﴿إِنَّهُمْ كَانُواْ﴾، وكذلك إسنادُ عملِ الخبائثِ أليها، والمرادُ أهلُها. وقد تقدَّم تحقيقُ هذا. والخبائثُ: / صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ أي: تعملُ الأعمالَ الخبائثَ.
قوله: ﴿وَنُوحاً﴾ : فيه وجهان: أحدُهما: أنَّه منصوبٌ عَطْفاً على «لُوْطاً» فيكونُ مشتَرِكاً معه في عامِلِه الذي هو «آتَيْنا» المفسَّرِ


الصفحة التالية
Icon