قوله: ﴿إِلاَّ رَحْمَةً﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ مفعولاً له أي: لأجلِ الرَّحْمة. ويجوزُ أَنْ ينتصِبَ على الحال مبالغةً في أَنْ جَعَلَه نفسَ الرحمة، وإمَّا على حَذْفِ مضافٍ أي: ذا رحمةٍ أو بمعنى راحِم. وفي الحديث «يا أيها الناسُ إنما أنا رحمةٌ مُهْداة».
قوله: ﴿لِّلْعَالَمِينَ﴾ يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنها صفةٌ ل «رَحْمَةً» أي: كائنةً للعالمين. ويجوز أَنْ يتعلَّقَ ب «أَرْسَلْناك» عند مَنْ يَرَى تَعَلُّقَ ما بعد «إلاَّ» بما قبلها جائزاً أو بمحذوفٍ عند مَنْ لا يَرَى ذلك. هذا إذا لم يُفَرَّغ الفعلُ لِما بعدها، أما إذا فُرِّغَ فيجوزُ نحو: ما مررتُ إلاَّ بزيدٍ، كذا قاله الشيخ هنا. وفيه نظرٌ من حيث إن هذا أيضاً مفرغ؛ لأنَّ المفرَّغَ عبارةٌ عمَّا افتقر ما بعد «إلاَّ» لِما قبلها على جهةِ المعمولية له.
قوله: ﴿أَنَّمَآ إلهكم﴾ :«أنَّ» وما في حَيِّزِها في محلِّ رفعٍ لقيامِه مَقامَ الفاعلِ؛ إذا التقديرُ: إنما يوحى إليَّ وَحْدانيةُ إلهكم. وقال الزمخشري: «إنَّما» لقَصْرٍ الحكمِ على شيءٍ أو لقَصْرِ الشيءِ على حكمٍ كقولِك: «إنما زيدٌ قائم» و «إنما يقومُ زيدٌ». وقد اجتمع المثالان في هذه الآيةِ؛ لأنََّ ﴿إِنَّمَآ يوحى إِلَيَّ﴾ مع فاعلِه بمنزلةِ «إنما يقومُ زيد»، و ﴿أَنَّمَآ إلهكم إله وَاحِدٌ﴾ بمنزلةِ «إنَّما زيد قائم». وفائدةُ اجتماعِهما الدلالةُ على أنَّ الوَحْيَ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مقصورٌ على استئثارِ اللهِ بالوَحْدانية «.
قال الشيخ:»
أمَّا ما ذكره في «أنَّما» أنَّها لقَصْرِ ما ذَكَر، فهو مبنيٌّ على أن «أنَّما» للحصر، وقد قررنا أنها لا تكون للحصر وأنَّ «ما» مع «أنَّ» كهي مع


الصفحة التالية
Icon