قوله: ﴿مَنسَكاً﴾ : قرأ الأخَوان هذا وما بعده «مَنْسِكاً» بالكسر، والباقون بالفتح. فقيل: هما بمعنىً واحد. والمرادُ بالمَنْسَك مكانُ النُّسُكِ أو المصدرُ. وقيل: المكسورُ مكانٌ، والمفتوحُ مصدرٌ. قال ابنُ عطية: «والكسرُ في هذا من الشاذِّ، ولا يَسُوغُ فيه القياس. ويُشْبِهُ أَنْ يكونَ الكسائيُّ سمعه من العرب». قلت: وهذا الكلامُ منه غير مَرْضِيّ: كيف يقول: ويُشْبه أَنْ يكنَ الكسائيُ سَمِعه. الكسائي يقول: قرأتُ به فكيف يحتاج إلى سماعٍ مع تمسُّكِه بأقوى السَّماعات، وهو روايتُه لذلك قرآناً متواتراً؟ وقوله: «من الشاذِّ» يعني قياساً لا استعمالاً فإنه فصيحٌ في الاستعمال؛ وذلك أنَّ فَعَل يَفْعُل بضم العين في المضارع قياسُ المَفْعَل منه: أن تُفتَحَ عينُه مطلقاً أي: سواءٌ أُريد به الزمانُ أم المكانُ أم المصدرُ. وقد شَذَّتْ ألفاظُ ضَبَطها النحاةُ في كتبهم وذكرتُها أيضاً في هذا الموضوعِ.
قوله: ﴿الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ : يجوز أن يكونَ هذا الموصولُ في موضعِ جرٍّ أو نصبٍ أو رفعٍ. فالجرُّ من ثلاثةِ أوجهٍ: النعتُ للمُخْبِتِيْن، أو البدلُ منهم، أو البيانُ لهم. والنصبُ على المدحِ. الرفعُ على إضمار «هم» وهو مدحٌ أيضاً، ويُسَمِّيه النحويون «قَطْعاً».
قوله: ﴿والمقيمي الصلاة﴾ العامَّةُ على خفضِ «الصلاةِ» بإضافةِ المقيمين إليها. وقرأ الحسن وأبو عمروٍ في روايةٍ بنَصْبِها على حذفِ النونِ تخفيفاً، كما يُحْذف التنوينُ لالتقاءِ السَاكنين. وقرأ ابنُ مسعودٍ والأعمشُ بهذا


الصفحة التالية
Icon