قوله: ﴿مَآ أغنى﴾ : يجوز أَنْ تكونَ «ما» استفهاميةً في محلِّ نصبٍ مفعولاً مقدَّماً، و «ما كانوا» هو الفاعلُ، و «ما» مصدريةٌ بمعنى: أيُّ شيءٍ أغنى عنهم كونَهم متمتِّعين. وأَنْ تكونَ نافيةً والمفعولُ محذوفٌ أي: لم يُغْنِ عنهم تمتُّعُهم شيئاً.
وقرىء «يُمْتَعُون» بإسكانِ الميم وتخفيف التاءِ، مِنْ أَمْتَع اللهُ زيداً بكذا.
قوله: ﴿إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ﴾ : يجوز أَنْ تكونَ الجملةُ صفةً ل «قريةٍ»، وأَنْ تكونَ حالاً منها. وسَوَّغَ ذلك سَبْقُ النفيِ. وقال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: كيف عَزَلْتَ الواوَ عن الجملةِ بعدَ» إلاَّ «ولم تُعْزَلْ عنها في قولِه: ﴿وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ﴾ [الحجر: ٤] قلت: الأصلُ عَزْلُ الواوِ؛ لأنَّ الجملةَ صفةٌ ل» قريةٍ «. وإذا زِيْدَتْ فلتأكيدِ وَصْلِ الصفةِ بالموصوفِ كما قي قوله: ﴿سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف: ٢٢]. قال الشيخ:» ولو قدَّرنا «لها مُنْذِرُون» جملةً لم يَجُزْ أن تجيءَ صفةً بعد «إلاَّ».
ومذهبُ الجمهورِ أنه لا تجيءُ الصفةُ بعد «إلاَّ» معتمدةً على أداةِ الاستثناءِ نحو: ما جاءَني أحدٌ إلاَّ راكبٌ. وإذا سُمِع مثلُ هذا خَرَّجوه على البدلِ، أي: إلاَّ رجلٌ را كبٌ. ويَدُلُّ على صحةِ هذا المذهبِ أنَّ العربَ تقولُ: «ما مررتُ بأحدٍ إلاَّ قائماً» ولا يُحْفَظُ عنهم «إلاَّ قائمٍ» بالجرِّ. فلو كانت الجملةُ صفةً بعد «إلاَّ لَسُمِعَ الجرُّ في هذا. [وأيضاً فلو كانَتْ الجملةُ صفةً


الصفحة التالية
Icon