فَعالُون مخففاً مِنْ فعَّالين بتشديد العين. ويَدُلُّ على ذلك أنَّهما وغيرَهما قرؤُوا بذلك أعني بتشديدِ الياءِ. وهذا منقولٌ عن مؤرج السدوسي ووجَّهها آخرون: بأنَّ أخِرَه لَمَّا كان يُشْبِهُ آخرَ يَبْرِين وفِلَسْطين أُجْري إعرابُه تارةً على النونِ، وتارةً بالحرفِ كما قالوا: هذه يَبْرِينُ وفِلَسْطينُ ويبرونَ وفلسطونَ. وقد تقدَّم القولُ في ذلك في البقرة.
والهاء في «به» تعود على القرآن.
وجاءت هذه الجمل الثلاث منفيةً على أحسنِ ترتيبٍ نفى أولاً تنزيلَ الشياطين به؛ لأنَّ النفيَ في الغالبِ يكونُ في الممكنِ، وإنْ كان الإِمكانُ هنا منتفياً. ثم نفى ثانياً انْبِغاءَ ذلك أي: ولو فُرِضَ الإِمكانُ لم يكونوا أهلاً له، ثم نفى ثالثاً الاستطاعةَ والقُدْرَةَ، ثم ذكر علةَ ذلك، وهي انعزالهُم عن السَّماع من الملأِ الأعلى؛ لأنهم يُرْجَمُون بالشُّهُبِ لو تَسَمَّعوا.
قوله: ﴿فَتَكُونَ﴾ : منصوبٌ في جوابِ النهي.
قوله: ﴿فَإِنْ عَصَوْكَ﴾ : في هذه الواوِ وجهان، أحدُهما: أنَّها ضميرُ الكفارِ أي: فإنْ عَصاك الكفارُ في أَمْرِك لهم بالتوحيدِ. الثاني: أنها ضميرُ المؤمنين أي: فإنْ عَصاك المؤمنون في فروعِ الإِسلام وبعضَ الأحكامِ بعد تصديقِك والإِيمان برسالتِك. وهذا في غاية البعد.