قوله: ﴿النشأة﴾ : قرأ ابن كثير وأبو عمرو «النَّشاءةَ» بالمد هنا والنجم والواقعة. والباقون بالقصرِ مع سكونِ الشين، وهما لغتان كالرَّأْفة والرَّآفة. وانتصابُهما على المصدرِ المحذوفِ الزوائدِ. والأصلُ الإِنشاءة. أو على حَذْف العاملِ أي: يُنْشِئ فَيَنْشَؤون النشأةَ. وهي مرسومةٌ بالألفِ وهو يُقَوِّيَ قراءةَ المدِّ.
قوله: ﴿وَلاَ فِي السمآء﴾ : على تقديرِ أَنْ يكونوا فيها كقولِه: ﴿إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ السماوات﴾ [الرحمن: ٣٣] أي: على تقديرِ أَنْ يكونوا فيها. وقال ابن زيد والفراء: «معناه ولا مَنْ في السماءِ أي: يُعْجِزُ إنْ عَصَى» يعني: أنَّ مَنْ في السماواتِ عطفٌ على «أنتم» بتقدير: إنْ يَعْصِ. قال الفراء: «وهذا من غوامضِ العربيةِ». قلت: وهذا على أصلِه حيث يُجَوِّز حَذْفَ الموصولِ الاسميِّ وتَبْقى صلتُه. وأنشد:

٣٦٣٧ - أمَن يهْجُو رسولَ الله منكُمْ ويَنْصُرُه ويَمْدَحُه سَواءُ
وأبعدُ مِنْ ذلك مَنْ قدَّر موصولين محذوفين أي: وما أنتم بمعجِزِين مَنْ في الأرض مِن الإِنسِ والجنِّ ولا مَنْ في السماء من الملائكة، فكيف تُعْجِزُون خالقِها؟ وعلى قولِ الجمهورِ يكونُ المفعولُ محذوفاً أي: وما أنتم بمعجِزين أي: فائِتينَ ما يريدُ اللَّهُ بكم.


الصفحة التالية
Icon