قوله: ﴿الذين زَعَمْتُمْ﴾ : مفعولُه الأولُ محذوفٌ هو عائدُ الموصولِ، والثاني أيضاً محذوفٌ، قامَتْ صفتُه مَقامَه. أي: زَعَمْتموهم شركاءَ مِنْ دونِ الله. ولا جائزٌ أَنْ يكونَ «مِنْ دون» هو المفعولَ الثاني؛ إذ لا يَنْعَقِدُ منه مع ما قبلَه كلامٌ. لو قلتَ: «هم من دونِ الله» أي: مِنْ غيرِ نيةِ موصوفٍ لم يَجُزْ. ولولا قيامُ الوصفِ مَقامَه أيضاً لم يُحْذَفْ؛ لأنَّ حَذْفَه اختصاراً قليلٌ. على أنَّ بعضَهم مَنَعَه.
قوله: ﴿إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ : فيه أوجهٌ، أحدُها: أَنَّ اللامَ متعلقةٌ بنفسِ الشفاعة. قال أبو البقاء: «كما تقول: شَفَعْتُ له». الثاني: أَنْ يتعلَّقَ ب «تَنْفَعُ»، قاله أبو البقاء. وفيه نظرٌ: وهو أنه يَلْزَمُ أحدُ أمرَيْن: إمَّا زيادةُ اللامِ في المفعولِ في غيرِ مَوْضِعها، وإمَّا حَذْفُ مفعولِ «تنفع» وكلاهما خلافُ الأصلِ. الثالث: أنه استثناءٌ مفرَّغٌ مِنْ مفعولِ الشفاعة المقدرِ أي: لا تنفع الشفاعةُ لأحدٍ إلاَّ لمَنْ أَذِنَ له.
ثم المستثنى منه المقدرُ يجوزُ أن يكون هو المشفوعَ له، وهو الظاهرُ، والشافعُ ليس مذكوراً إنما دَلَّ عليه الفَحْوى. والتقدير: لا تنفُع الشفاعةُ لأحدٍ من المشفوع لهم إلاَّ لمَنْ أَذن تعالى للشافعين أَنْ يَشْفعوا فيه. ويجوز أَنْ يكونَ هو الشافِعَ، والمشفوعُ له ليس مذكوراً تقديرُه: لا تنفعُ الشفاعةُ إلاَّ لشافعٍ أُذِن له أَنْ يَشْفَعَ. وعلى هذا فاللامُ في «له» لامُ التبليغِ لا لامُ العلةِ. الرابع: أنه استثناءٌ مفرَّغٌ أيضاً، لكنْ من الأحوال العامة. تقديرُه: لا تنفعُ الشفاعةُ إلاَّ كائنةً لمَنْ أَذِن له. وقرَّرَه الزمخشري فقال: «تقول:» الشفاعة لزيدٍ «على معنى: