قال ابن عطية في هذا الثاني: «ولا غَناء له» أي لا مَنْفعةَ فيه يعني: أنَّ معناه ضعيفٌ. قال الشيخ: «وقوله: لا غَناء له ليس بجيدٍ، بل في ذلك تبكيْتٌ لهم وتوبيخٌ، ولا يريد حقيقةَ الأمرِ بل المعنى: الذين هم شركائي على زَعْمِكم هم مِمَّنْ إنْ أَرَيْتُموهم افْتََضَحْتُمْ؛ لأنهم خشبٌ وحجرٌ وغيرُ ذلك».
قوله: «بل هو» في هذا الضميرِ قولان، أحدُهما: أنه ضميرٌ عائدٌ على الله تعالى أي: ذلك الذي أَلْحَقْتُمْ به شركاءَ هو اللَّهُ. والعزيز الحكيم صفتان. والثاني: أنه ضميرُ الأمرِ والشأنِ. واللَّهُ مبتدأ، والعزيزُ الحكيمُ خبران. والجملةُ خبر «هو».
قوله: ﴿كَآفَّةً﴾ : فيه أوجه، أحدها: أنه حالٌ من كاف «أَرْسَلْناك» والمعنى: إلاَّ جامعاً للناس في الإِبلاغ.
والكافَّةُ بمعنى الجامع، والهاءُ فيه للمبالغة كهي في: عَلاَّمة وراوِية. قاله الزجاج. وهذا بناءً منه على أنه اسمُ فاعلٍ مِنْ كَفَّ يَكُفُّ. وقال الشيخ: «أمَّا قولُ الزجَّاج: إن كافَّة بمعنى جامعاً، والهاءُ فيه للمبالغة؛ فإنَّ اللغَةَ لا تُساعِدُه على ذلك؛ لأنَّ كَفَّ ليس معناه محفوظاً بمعنى جَمَعَ» يعني: أن المحفوظَ في معناه مَنَع. يقال: كَفَّ يَكُفُّ أي: مَنَع. والمعنى: إلاَّ مانعاً لهم من الكفرِ، وأن يَشُذُّوا مِنْ تَبْليغِك، ومنه الكفُّ لأنها تمنع خروج ما فيه.
الثاني: أنَّ «كافَّة» مصدرٌ جاء على الفاعِلة كالعافِية والعاقِبَة. وعلى هذا فوقوعُها حالاً: إمَّا على المبالغةِ، وإمَّا على حذف مضافٍ أي: ذا كافَّةٍ للناس.