إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ} [فاطر: ٢٤] إذِ المرادُ هناك آثارُ النَّذيرِ، ولا شَكَّ أنَّ هذا كان موجوداً، يَذْهَبُ النبيُّ، وتَبْقَى شريعتُه.
قوله: ﴿وَمَا بَلَغُواْ﴾ الظاهرُ أن الضميرُ في «بَلَغُوا» وفي «آتيناهم» للذين مِنْ قبلهم ليناسِقَ قوله: «فكذَّبُوا رُسُلي» بمعنى: أنهم لم يَبْلُغوا في شُكْر النِّعْمَة وجزاءِ المِنَّةِ مِعْشارَ ما آتيناهم من النعمِ والإِحسانِ إليهم. وقيل: بل ضميرُ الرفع لقريشٍ والنصبِ للذين مِنْ قبلهم، وهو قولُ ابنِ عباس على معنى أنهم كانوا أكثرَ أموالاً. وقيل: بالعكس على معنى: إنَّا أَعْطَيْنا قريشاً من الآياتِ والبراهينِ ما لم نُعْطِ مَنْ قبلَهم.
واخْتُلِفَ في المِعْشار فقيل: هو بمعنى العُشْرِ، بنى مِفْعال مِنْ لفظِ العُشْر كالمِرْبَاع، ولا ثالثَ لهما من ألفاظِ العدد لا يقال: مِسْداسَ ولا مِخْماس. وقيل: هو عُشْرُ العُشْرِ. إلاَّ أنَّ ابنَ عطيَّة أنكره وقال: «ليس بشيء». وقال الماوردي: «المِعْشارُ هنا: هو عُشْرُ العُشَيْرِ، والعُشَيْرُ هو عُشْرُ العُشْر، فيكون جزءاً من ألفٍ». قال: «وهو الأظهرُ؛ لأنَّ المرادَ به المبالغةَ في التقليل».
قوله: «فَكَذَّبوا» فيه وجهان، أحدُهما: أنه معطوف على ﴿كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ﴾. والثاني: أنه معطوف على «وما بَلَغُوا» وأوضحَهما الزمخشريُّ فقال: «


الصفحة التالية
Icon