قوله: ﴿الرحمن﴾ فيه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدها: أنه خبرُ مبتدأ مضمرٍ، أي: اللَّهُ الرحمنُ. الثاني: أنه مبتدأٌ، وخبرُه مضمرٌ، أي: الرحمنُ ربُّنا. وهذان الوجهان عند مَنْ يرى أنَّ «الرحمن» آيةٌ مع هذا المضمرِ معه، فإنهم عَدُّوا «الرحمن» آيةً ولا يُتَصَوَّرُ ذلك إلاَّ بانضمامِ خبرٍ أو مُخْبَرٍ عنه إليه، إذ الآيةُ لا بُدَّ أَنْ تكونَ مفيدةً، وسيأتي ذلك في قولِه «مُدْهامَّتان». الثالث أنه ليس بآيةٍ، وأنه مع ما بعده كلامٌ واحدٌ، وهو مبتدأٌ خبرُه «عَلَّم القرآنَ».
قوله: ﴿عَلَّمَ القرآن﴾ : فيه وجهان، أظهرُهما: أنها عَلَّم المتعديةُ إلى اثنين أي: عَرَّف، من التعليم، فعلى هذا المفعولُ الأولُ محذوف فقيل: تقديره: عَلَّم جبريلَ القرآنَ. وقيل: علَّم محمداً. وقيل: عَلَّم الإِنسانَ. وهذا أَوْلَى لعُمومِه، ولأنَّ قولَه «خَلَق الإِنسانَ» دالٌّ عليه. والثاني: أنها من العلامةِ. فالمعنى: جَعَله علامةً وآيةً يُعْتنى بها.
وهذه الجملُ التي جيْءَ بها من غيرِ عاطفٍ لأنها سِيْقَتْ لتعديدِ نعمةٍ كقولك: فلانٌ أَحْسَنَ إلى فلانٍ: أكرمه، أشاد ذِكْرَه، رَفَعَ مِنْ قَدْرِه،


الصفحة التالية
Icon