قوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ : متعلِّقٌ ب «خَلَقَ» وقوله: «أيُّكم أحسنُ» قد تقدَّم مثلُه في أول هود. وقال الزمخشري هنا: «فإنْ قلتَ: مِن أين تعلَّقَ قولُه: ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ بفعلِ البَلْوى؟ قلت: من حيث إنَّه تضمَّن معنى العلمِ، فكأنه قيل: ليُعْلمَكم أيُّكم أحسنُ عملاً. وإذا قلتَ: عَلِمْتُه: أزيدٌ أحسن عملاً أم هو؟ كانت هذه الجملةُ واقعةً موقعَ الثاني مِنْ مفعولَيْه، كما تقول: عَلِمْتُه هو أحسن عملاً. فإنْ قلتَ: أتُسَمِّي هذا تعليقاً؟ قلت: لا، إنما/ التعليقُ، أَنْ يقعَ بعده ما يَسُدُّ مَسَدَّ المفعولَيْن جميعاً، كقولك: عَلِمْتُ أيُّهما عمروٌ، وعلِمْتُ أزيدٌ منطلق؟. ألا ترى أنه لا فَصْلَ بعد سَبْقِ أحدِ المفعولَيْن بين أَنْ يقَع ما بعده مُصَدَّراً بحرف الاستفهامِ وغيرَ مصدَّرٍ به. ولو كان تعليقاً لافترقَتِ الحالتان كما افترقتا في قولِك: عَلِمْتُ أزيد منطلِقٌ، وعلمْتُ زيداً منطلقاً».
قلت: وهذا الذي مَنَعَ تسميتَه تعليقاً سَمَّاه به غيرُه، ويجعلون تلك الجملةَ في محلِّ ذلك الاسمِ الذي يتعدَّى إليه ذلك الفعلُ، فيقولون في «عَرَفْت أيُّهم منطلقٌ» : إنَّ الجملةَ الاستفهاميةَ في محلِّ نصبٍ لسَدِّها مَسَدَّ


الصفحة التالية
Icon