قوله: ﴿هَلْ أتى﴾ : في «هل» هذه وجهان، أحدُهما: أنَّها على بابِها من الاستفهامِ المَحْضِ، أي: هو مِمَّنْ يُسْأَلُ عنه لغرابتِه: أأتى عليه حينٌ من الدهرِ لَم يكنْ كذا، فإنه يكونُ الجوابُ: أتى عليه ذلك، وهو بالحالِ المذكورةِ، كذا قاله الشيخ، وهو مدخولٌ كما ستعرِفُه قريباً. وقال مكي في تقرير كونها على بابِها من الاستفهام. «والأحسنُ أَنْ تكونَ على بابِها للاستفهام الذي معناه التقريرُ، وإنما هو تقرير لمَنْ أنكر البعثَ، فلا بُدَّ أَنْ يقولَ: نعم قد مضى دهر طويل لا إنسانَ فيه. فيقال له: مَنْ أَحْدَثَه بعد أن لم يكُنْ وكَوَّنه بعد عَدَمِه كيف يمتنع عليه بَعْثُه وإحياؤه بعد مَوْتِه؟ وهو معنى قولِه: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النشأة الأولى فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٦٢]، أي: فهلاَّ تَذَكَّرون فتعلَمون أنَّ مَنْ أَنْشأ شيئاً بعد أن لم يكُنْ قادرٌ على إعادتِه بعد مَوْتِه وعَدَمِه» انتهى. فقد جَعَلها لاستفهامِ التقريرِ لا للاستفهامِ المَحْضِ، وهذا هو الذي يجبُ أَنْ يكونَ؛ لأنَّ الاستفهامَ لا يَرِدُ مِنَ الباري تعالى لاَّ على هذا النحوِ