قوله تعالى: ﴿لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ...﴾ الآية. [٢].
قال ابن عباس: نزلت في الحُطَم - واسمه شريح بن ضُبَيْعَة الكِندِي - أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من اليمامة إلى المدينة، فخلَّف خيلَه خارج المدينة، ودخل وحده على النبي عليه السلام، فقال: إِلاَمَ تدعو الناس؟ قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة. فقال: حسن، إلا أن لي أمراء لا أقطع أمراً دونهم، ولعلي أسلم وآتي بهم. وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال لأصحابه: يدخل عليكم رجل يتكلم بلسان شيطان. ثم خرج من عنده، فلما خرج قال رسول الله عليه السلام: "لقد دخل بوجه كافر، وخرج بِعَقَبِي غادر، وما الرجل بمسلم". فمر بِسَرْحِ المدينة فاستقاه، فطلبوه فعجزوا عنه، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام القَضِيَّةِ، سمع تلبية حُجَّاج اليمامة فقال لأصحابه: هذا الحُطَم وأصحابه. وكان قد قلَّد ما نهب من سرح المدينة وأهداه إلى الكعبة. فلما توجهوا في طلبه، أنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ﴾ يريد ما أُشْعِرَ لله، وإِن كانوا على غير دين الإسلام.
وقال زيد بن أسْلَم: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بالحُدَيْبِيَةِ حين صدّهم المشركون عن البيت، وقد اشتد ذلك عليهم، فمر بهم ناس من المشركين يريدون العُمْرَة، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: نصد هؤلاء كما صدَّنا أصحابهم. فأنزل الله تعالى: ﴿لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَلاَ ٱلْهَدْيَ وَلاَ ٱلْقَلاۤئِدَ وَلاۤ آمِّينَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ﴾ أي ولا تعتدوا على هؤلاء العُمَّار، أنْ صدَّكم أصحابهم.