قوله تعالى: ﴿وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ...﴾ الآية. [٢٨].
حدثنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، إملاء في "دار السُّنة" يوم الجمعة بعد الصلاة، في شهور سنة عشر وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عيسى بن عَبْدَوَيْه الحِيرِي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم البُوشَنْجي، قال: حدثنا الوليد بن عبد الملك بن مسرح الحرّاني، قال: حدثنا سليمان بن عطاء الحراني، عن مسلمة بن عبد الله الجُهني، عن عمه ابن مشجعة بن ربعي الجهني، عن سلمانَ الفارسيَ، قال:
جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: عُيَيْنَة بن حِصْن، والأقرَع بن حابِس، وذَوُوهم، فقالوا: يا رسول الله، إنك لو جلست في صدر المجلس ونحيّت عنا هؤلاء وأرْوَاحَ جِبَابِهم - يعنون سَلْمَان، وأبا ذَرْ، وفقراء المسلمين، وكانت عليهم جِبَاب الصوف ولم يكن عليهم غيرها - جَلَسْنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك! فأنزل الله تعالى: ﴿وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً * وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ حتى بلغ، ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً﴾ يتهددهم بالنار، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، يلتمسهم حتى إذا أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله تعالى قال: الحمد لله الذي لم يُمتِنْي حتى أمرني أن أصْبِرَ نفسي مع رجال من أمتي، معكم المحيا، ومعكم الممات.
قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا﴾ الآية. [٢٨].
أخبرنا أبو بكر الحارثي، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: حدثنا أبو يحيى الرازي، قال: حدثنا سهل بن عثمان، قال: حدثنا أبو مالك، عن جويبر عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا﴾ قال:
نزلت في أمية بن خلف الجُمَحِي، وذلك أنه دعا النبي صلى الله عليه وسلم أمر كَرِهَهُ: من طرد الفقراء عنه، وتقريب صَنَادِيدِ أهل مكة، فأنزل الله تعالى: ﴿وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا﴾ يعني مَن خَتَمْنَا على قلبه عن التوحيد، ﴿وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ﴾ يعني الشركَ.


الصفحة التالية
Icon