قوله تعالى: ﴿الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ...﴾ الآية. [١-٢].
قال المفسرون: بعث كسرى جيشاً إلى الروم، واستعمل عليهم رجلاً يسمى شَهْريراز، فسار إلى الروم بأهل فارس فظهر عليهم فقتلهم، وخرّب مدائنهم وقطع زيتونهم. و [قد] كان قيصر بعث رجلاً يدعى يُحنَّس، فالتقى مع شهريراز بأذْرِعات وبُصْرى، وهي أدنى الشام إلى أرض العرب، فغلب فارسُ الرومَ. وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة فشق ذلك عليهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يظهر الأميون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، وفرح كفار مكة وشمتوا، فَلَقوْا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنكم أهلُ كتاب، والنصارى أهلُ كتاب، ونحن أميون، وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من الروم، وإنكم إن قاتلتمونا لنَظْهَرَنَّ عليكم. فأنزل الله تعالى: ﴿الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ﴾ إلى آخر الآيات.
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حامد العطار، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار، قال: حدَّثنا الحارث بن شريح، قال: حدَّثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الأعمش، عن عطيةَ العَوْفي، عن أبي سعيد الخُدْرِي، قال:
لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس، فأُعْجِبَ المؤمنون [بذلك، فنزلت: ﴿الۤـمۤ * غُلِبَتِ ٱلرُّومُ﴾ إلى قوله: ﴿يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ ٱللَّهِ﴾ قال: يفرح المؤمنون] بظهور الروم على فارس.
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ...﴾ الآية. [٦].
قال الكلبي ومقاتل: نزلت في النَّضر بن الحارث، وذلك أنه كان يخرج تاجراً إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشاً ويقول لهم: إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بحديث رُسْتُم وإِسْفِنْدِيَار وأخبار الأكاسرة، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن. فنزلت فيه هذه الآية.
وقال مجاهد: نزلت في شراء القيان والمغنيات.
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقرىء، قال: أخبرنا محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، قال: حدَّثنا جدي، قال: حدَّثنا علي بن حُجْر، قال: حدَّثنا مِشْمَعِل بن مِلْحان الطائي، عن مُطَّرِح بن يزيد، عن عُبَيْد الله بن زَحْر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهنّ، وأثمانهن حرام. وفي مثل هذا نزلت هذه الآية: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ إلى آخر الآية، وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله تعالى عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب، والآخر على هذا المنكب؛ فلا يزالان يضربان بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت".
وقال ثُوَير بن أبي فاخِتَةَ عن أبيه، عن ابن عباس: نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً ونهاراً.


الصفحة التالية
Icon