قوله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ.....﴾ الآية [١].
أخبرنا محمد بن منصور الطُّوسِي، أخبرني علي بن عمر بن مَهْدِي، حدَّثنا الحسين بن إسماعيلَ المَحَامِلي، حدَّثنا عبد الله بن شَبيب، قال: حدَّثنا إسحاق بن محمد، حدَّثنا عبد الله بن عمر، قال: حدَّثني أبو النَّضْر مولى عمر بن عبد الله، عن علي بن عباس، عن ابن عباس، عن عمر، قال:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم وَلَدِه مارِيَةَ في بيت حَفْصَةَ، فوجدته حفصةُ معها، فقالت: لم تدخلها بيتي؟ ما صنعتَ بي هذا - مِنْ بين نسائك - إلا مِنْ هَوَاني عليك. فقال لها: لا تذكري هذا لعائشةَ، هي عليَّ حرامٌ إن قرِبتُها. قالت حفصة: وكيف تَحْرُمُ عليك وهي جاريتك؟ فحلف لها لا يقربها، وقال لها: لا تذكريه لأحد؛ فذكرتْه لعائشة، فآلى أن لا يدخلَ على نسائه شهراً، واعتزلَهن تسعاً وعشرين ليلةً! فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾ الآية؟!.
أخبرنا أبو إبراهيم، إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، أخبرنا بشر بن أحمد بن بشر، أخبرنا جعفر بن الحسن الفِرْيَابي، حدَّثنا مِنْجاَب بن الحارث، حدَّثنا علي بن مُسْهِر، عن هشام بن عُرْوةَ، عن أبيه، عن عائشةَ، قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُحب الحَلْوَاء والعسل، وكان إذا انصَرَف من العصر دخل على نسائه. فدخل عَلى حفصةَ بنت عمر، واحتبس عندها أكثر مما كان يحتبسُ؛ فعرفتُ فسألتُ عن ذلك، فقيل لي: أهدت لها امرأةٌ من قومها عُكَّةَ عسل، فسقَتْ منه النبيَّ صلى الله عليه وسلم شربةً قلتُ: أما والله لنحتالن له، فقلت لِسَوْدَةَ بنت زَمْعَةَ: إنه سيَدْنُو منك إذا دخل عليك، فقولي له: يا رسول الله، أكلتَ مَغَافير؟ فإنه سيقول لك: سقْتني حَفْصَةُ شربةَ عسلٍ؛ فقولي جَرَسَتْ نَحْلُه العُرْفُط، وسأقول ذلك، وقولي أنتِ يا صفيةُ ذلك. قالت: تقول سودة: فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فكدتُ أن أُبادِئَه بما أمرتُني به، فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول الله، أكلتَ مَغَافير؟ قال: لا، قالت: فما هذه الريحُ التي أجد منك؟ قال: سقتني حفصةُ شربةَ عسل، قالت: جَرسَتْ نَحْلُه العُرْفُط. قالت: فلمَّا دخل عليَّ قلتُ له مثل ذلك، فلما دار إلى صفيةَ قالت له مثل ذلك، فلمَّا دار إلى حَفْصَةَ قالت: يا رسول الله، أسقيك منه؟ قال: لا حاجةَ لي فيه. تقول سودة: سبحان الله لقد حرمناه، قلت لها: اسكتي.
رواه البخاري عن فروة [ابن أبي المَغْراء]، ورواه مسلم عن سُوَيدْ بن سعيد؛ كلاهما عن علي بن مُسْهِر.
أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد، أخبرنا زاهر بن أحمد، أخبرنا الحسين بن محمد بن مُصْعَب، حدَّثنا يحيى بن حكيم، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا عامر الخزاز عن ابن أبي مُلَيْكة:
أن سَوْدَةَ بنت زَمْعَةَ كانت لها خُؤُولةٌ باليمن، وكان يُهْدَى إليها العسلُ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها في غير يومها يُصيبُ من ذلك العسل؛ وكانت حفصةُ وعائشةُ متؤاخيتَيْن على سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت إحداهما للأخرى: أما ترين إلى هذا؟ قد اعتاد هذه يأتيها في غير يومها يصيب من ذلك العسل! فإذا دخل [عليك] فخذي بأنْفِك، فإذا قال: مالك؟ قولي: أجدُ منك ريحاً لا أدري ما هي؟ فإنه إذا دخل عليَّ قلتُ مثل ذلك. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذت بأنفها فقال: مالك؟ قالت: ريحاً أجدُ منك، وما أُراهُ إلا مَغَافِيرَ؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعجبه أن يأخذ من الريح الطيبة إذا وجدها. ثم إذ دخل على الأخرى قالت له مثل ذلك، فقال: لقد قالت لي هذا فلانة، وما هذا إلا من شيء أصبتُه في بيت سَوْدَةَ، ووالله لا أذوقه أبداً.
قال ابن أبي مليكة: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في هذا: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ﴾؟!.