﴿ بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾

قوله تعالى: ﴿بَراءةٌ مِن اللهِ وَرَسُولِه﴾، إلى قوله: ﴿أرْبَعَةَ أَشْهُر﴾:
هذه الآية ناسخةٌ للعهود البعيدة الأجل التي كانت للمشركين.
قال ابنُ عباس: كان لقومٍ من المشركين على النبي - صلى الله عليه وسلم - عهود إلىأوقات، فأمر اللهُ - جلَّ ذكرُه - نبيّه صلى الله عليه وسلم - أن يُؤَجِّلَهُم أربعةَ أَشهُرٍ يتصرفونفيها، وإن كانت عهودُهم إلى أكثر من أربعةِ أشهر، وذلك من بعد يومالنحر إلى عشر من ربيع الثاني؛ لأن عليَّاً رضي الله عنه نادى بسورة براءةفي بوم النحر، ونبذ إلى كل ذي عهد عهده. قال: وكان قومٌ لا عهودَ لهمفأُجِّلوا خمسين يوماً - (عشرين) يوماً من ذي الحجة والمحرم -.
وقال مجاهد والسُّدِّي: هم قوم كان لهم عهد إلى أكثر من أربعةأشهر، وقوم (كان عهدُهم) إلى أربعة أشهر، فردَّ الجميعَ إلى أربعة أشهر، ونسخ ما زاد على أربعة أشهرٍ، ونسخَ أمانَهم إلى البيت وطوافهم به عُراة.
وقال الزهري: الأربعةُ أشهر: أولها: شوال. إلى آخر المحرم.
وقيل: إنما نَبْذُ العهد إلى قومٍ نقضوا عهداً كان بينهُم وبينرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأُجِّلوا أربعةَ أشهر، فأما من لم ينقض العهدَ، فيبقىعلى عهدِه بدليل قوله: ﴿فَمَا استَقَامُوا لَكُمْ فاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾ [التوبة: ٧]. قال: ومن لم يكن له عهدٌ أُجِّلَ خمسينَ يوماً من (يومِ) النَّحر الذي نادي فيه عليٌّ - رضي الله عنه - ببراءة.
قال أبو محمد: وكان حقُّ هذا ألاّ يُدْخَل في الناسخ والمنسوخ لأنهلم ينسخ قرآناً متلوّاً، إنما نسخَ أمراً رآه النبي - عليه السلام - وأشياءَ كانواعليها مما لا يرضاه الله. والقرآن كُلُّه ناسخٌ لما كانوا عليه، إلاّ ما أَقرَّهم النبيعليه. لكنا ذكرناه وأشباهَه اتباعاً لمن تقدَّمنا؛ إذ أكثرُهُم ذكرَه ونَبَّهْنا على ما(ذكرنا لتعرفَ) حقيقةَ النسخ الذي قصدنا (إلى بيانِه).



الصفحة التالية
Icon