﴿ قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَآ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿قُلْ ما كُنتُ بِدْعاً مِن الرُّسُلِ، وما أَدري ما يُفْعَلُ بي ولابِكُمْ﴾ [الأحقاف: ٩]:
رُوِيَ عن ابن عباس أنه قال: نسخَها: ﴿إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً﴾ [الفتح: ١]- الآية - وإلى هذا ذهب ابن حبيب - لأن الله جلّ ذكره (قد) أَعلَمَه حالَهوأنه مغفورٌ له كُلُّ ذنوبِه في الآخرة.
قال أبو محمد: وهذا إنما يجوز على قول من قال: معنى الآية:
وما أدري ما يُفْعَلُ بي ولا بِكُم في الآخرة.
فأما من قال معناه: وما أدري ما يُفْعَلُ بي ولا بكم في الدنا من تَقَلُّبِالأحوال فيها، فالآية (عنده محكمةٌ) - وهو قولُ الحسن - وهو قولٌ حسن - لأن النبي - عليه السلام - إنما نفى عن نفسِه (علم) الغيب فيمايَحْدُثُ عليه وعليهم في الدنيا، ألا ترى إلى قوله: ﴿إِن أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِليَّ﴾ [الأحقاف: ٩] يريد في الدنيا.
وأيضاً فإن الآيةَ خبرٌ، ولا يُنْسَخُ الخبر.
وأيضاً، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد علم أن من ماتَ على الكفر فهو مخلدٌ فيالنار، فكيف يقول: وما أدري ما يُفْعَلُ بي ولا بكُم في الآخرة. و(قدأعلمه) الله ما يؤول إليه أَمرُ الكفار في الآخرة. وهذا مثلُ قوله: ﴿ولوكنتُ أعلمُ الغيبَ لاستَكْثَرْتُ من الخير وما مسَّنيَ السُّوء﴾ [الأعراف: ١٨٨]، أي: لوعلمت الغيبَ لتحفظْتُ من الضُّرِّ، فلم يلحقني في الدنيا ضُرٌّ.
والظاهرُ أَنَّ الآيةَ محكمةٌ نزلت في أمور الدنيا.