حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، عن الهذيل، عن مقاتل.
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ ﴾ يخوفهم، يقول: اخشوا ربكم ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [آية: ١].
﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ ﴾ يقول: تدع البنين لشدة الفزع من الساعة، وذلك قبل النفخة الأولى ينادي مناد من السماء الدنيا، يا أيها الناس، جاء أمر الله، فيسمع صوته أهل الأرض جميعاً فيفزعون فزعاً شديداً، ويموج بعضهم فى بعض، ويشيب فيها الصغير، ويسكر فيها الكبير، وتضع الحوامل ما في بطونها، وتدع المراضع البنين من الفزع الشديد، فذلك قوله عز وجل: ﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ ﴾.
﴿ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ﴾ النساء والدواب حملها من شدة الفزع ﴿ وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَارَىٰ ﴾ من الخوف ﴿ وَمَا هُمْ بِسُكَارَىٰ ﴾ من الشراب ﴿ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [آية: ٢]" نزلت هاتان الآيتان ليلاً والناس يسيرون فى غزاة بني المصطلق، وهم حي خزاعة، فقرأها النبى صلى الله عليه وسلم تلك الليلة على الناس ثلاث مرات، ثم قال: " هل تدرون أي يوم هذا "؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " هذا يوم يقول الله عز وجل لآدم عليه السلام: قم فابعث بعث النار من ذريتك، فيقول: يا رب وما بعث النار، قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، إلى النار، وواحد إلى الجنة "، فلما سمع القوم ذلك اشتد عليهم وحزنوا، فلما أصبحوا أتوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا: وما توبتنا وما حيلتنا، فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم: " أبشروا فإن معكم خليقتين لم يكونا فى أمة قط إلا كثرتها يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، ما أنتم فى الناس إلا كشعرة بيضاء فى ثور أسود، أو كشعرة سوداء فى ثور أبيض، أو كالرقم فى ذراع الدابة، أو كالشامة فى سنام البعير، فأبشروا وقاربوا وسددوا واعملوا. ثم قال: " أيسركم أن تكونوا ربع أهل الجنة "؟ قالوا: من أين لنا ذلك يا رسول الله؟ قال: " أفيسركم أن تكونوا ثلث أهل الجنة "؟ قالوا: من أين لنا ذلك يا رسول الله؟ قال: " أيسركم أن تكونوا شطر أهل الجنة "؟ قالوا: من أين لنا ذلك يا رسول الله، قال: " فإنكم أكثر أهل الجنة، أهل الجنة عشرون ومائة صف، أمتى من ذلك ثمانون صفاً، وسائر أهل الجنة أربعون صفا، ومع هؤلاء أيضاً سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب مع كل رجل سبعون ألفاً ". فقالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: " هم لا يرقون، ولا يسترقون، ولا يكتون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ". فقام عكاشة بن محصن الأسدى، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلنى منهم، قال: " فإنك منهم "، فقام رجل آخر من رهط ابن مسعود من هذيل، فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلنى منهم، قال: " سبقك بها عكاشة " ".


الصفحة التالية
Icon