﴿ الۤـمۤ ﴾ [آية: ١] ﴿ غُلِبَتِ ٱلرُّومُ ﴾ [آية: ٢] وذلك أه أهل فارس غلبوا البروم ﴿ فِيۤ أَدْنَى ٱلأَرْضِ ﴾ يعنى الأردن وفلسطين، ثم قال عز وجل: ﴿ وَهُم ﴾ يعني الروم ﴿ مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴾ [آية: ٣] أهل فارس.﴿ فِي بِضْعِ سِنِينَ ﴾ يعنى خمس سنين، أو سبع سنين إلى تسع ﴿ لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ ﴾ حين ظهرت فارس على الروم.
﴿ وَمِن بَعْدُ ﴾ ما ظهرت الروم على فارس.
﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آية: ٤] وذلك أن فارس غلبت الروم، ففرح بذلك كفار مكة، فقالوا: إن فارس ليس لهم كتاب، ونحن منهم، وقد غلبوا أهل الروم، وهم أهل كتاب قبلكم، فنحن أيضاً نغلبكم كما غلبت فارس الروم، فخاطرهم أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، على أن يظهر الله عز وجل الروم على فارس، فلما كان يوم بدر غلبت المسلمون كفا مكة، وأتى المسلمين الخبر بعد ذلك، والنبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بالحديبية أن الروم قد غلبوا أهل فارس، ففرح المسلمون بذلك، فلذلك قوله تبارك وتعالى: ﴿ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ ﴿ بِنَصْرِ ٱللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ ﴾ فنصر الله عز وجل الروم على فارس، ونصر المؤمنين على المشركين يوم بدر. قال أبو محمد: سألت أبا العباس ثعلب عن البضع والنيف، فقال البضع: من ثلاث إلى تسع، والنيف: من واحد إلى خمسة، وربما أدخلت كل واحدة على صاحبتها فتجوز مجازها، فأخذ أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، الخطر من صفوان بن أمية، والنبى صلى الله عليه وسلم بالحديبية مقيم حين صده المشركين عن دخول مكة.
﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾ يعنى المنيع فى ملكه ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ [آية: ٥] بالمؤمنين حين نصرهم.﴿ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ وذلك أن الله عز وجل وعد المؤمنين في أول السورة أن يظهر الروم على فارس حين قال تعالى: ﴿ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ﴾ على أهل فارس، وذلك قوله عز وجل ﴿ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ ﴾ بأن الروم تظهر على فارس.
﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٦] يعن كفار مكة.﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾ يعنى حرفتهم وحيلتهم، ومتى يدرك زرعهم، وما يصلحهم في معايشهم لصلاح دنياهم.
﴿ وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [آية: ٧] حين لا يؤمنون بها، ثم وعظهم ليعتبروا.


الصفحة التالية
Icon