﴿ صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ ﴾ [آية: ١] يعنى ذا البيان ﴿ بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ بالتوحيد من أهل مكة ﴿ فِي عِزَّةٍ ﴾ يعنى فى حمية، كقوله فى البقرة﴿ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ ﴾[البقرة: ٢٠٦] الحمية ﴿ وَشِقَاقٍ ﴾ [آية: ٢] اختلاف. ثم خوفهم، فقال جل وعز: ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم ﴾ من قبل كفار مكة ﴿ مِّن قَرْنٍ ﴾ من أمة بالعذاب فى الدنيا، الأمم الخالية ﴿ فَنَادَواْ ﴾ عند نزول العذاب فى الدنيا ﴿ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ ﴾ [آية: ٣] يعنى ليس هذا بحين قرار فخوفهم لكيلا يكذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم. ثم قال جل وعز: ﴿ وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم ﴾ محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ ﴾ رسول منهم ﴿ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ ﴾ من أهل مكة ﴿ هَـٰذَا سَاحِرٌ ﴾ يفرق بين الاثنين ﴿ كَذَّابٌ ﴾ [آية: ٤] يعنون النبى صلى الله عليه وسلم حين يزعم أنه رسول.﴿ أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ﴾ [آية: ٥] وذلك حين أسلم عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فشق على قريش إسلام عمر، وفرح به المؤمنون.﴿ وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ ﴾ وهم سبعة وعشرون رجلاً، والملأ فى كلام العرب الأشراف منهم الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام، وأمية وأبى ابنا خلف، وغيرهم، فقال الوليد بن المغيرة: ﴿ أَنِ ٱمْشُواْ ﴾ إلى أبى طالب ﴿ وَاْصْبِرُواْ ﴾ واثبتوا ﴿ عَلَىٰ ﴾ عبادة ﴿ آلِهَتِكُمْ ﴾ نظيرها فى الفرقان:﴿ لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا ﴾[الفرقان: ٤٢] يعنى ثبتنا، فقال الله عز وجل، فى الجواب:﴿ فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ ﴾[فصلت: ٢٤]، فشموا إلى أبى طالب، فقالوا: أنت شيخنا وكبيرنا وسيدنا فى أنفسنا وقد رأيت ما فعلت السفهاء وإنا أتيناك لتقضى بيننا وبين ابن أخيك،" فأرسل أبو طالب إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأتاه، فقال أبو طالب: هؤلاء قومك، يسألونك السواء فلا تمل كل الميل على قومك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " وماذا يسألونى "؟ قالوا: ارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لهم: " أعطونى أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب، وتدن لكم بها العجم "، فقال أبو جهل: لله أبوك لنعينكها وعشراً معها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: " قولوا لا إله إلا الله "، فنفروا من ذلك، فقاموا، فقالوا: أجعل، يعنى وصف محمد الآلهة إلهاً واحداً أن تكون الآلهة واحداً ﴿ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ ﴾ الأمر ﴿ يُرَادُ ﴾ [آية: ٦].
﴿ مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا ﴾ الأمر الذى يقول محمد ﴿ فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ ﴾ يعنى ملة النصرانية، وهى آخر الملل لأن النصارى يزعمون أن مع الله عيسى ابن مريم، ثم قال الوليد: ﴿ إِنْ هَـٰذَا ﴾ القرآن ﴿ إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ ﴾ [آية: ٧] من محمد تقوله من تلقاء نفسه. ثم قال الوليد: ﴿ أَأُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ ﴾ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ مِن بَيْنِنَا ﴾ ونحن أكبر سناً وأعظم شرفاً، يقول الله عز وجل لقول الوليد: ﴿ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ ﴾ يقول الله تعالى: ﴿ بْل هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي ﴾ يعنى القرآن ﴿ بَل لَّمَّا ﴾ يعنى لم ﴿ يَذُوقُواْ عَذَابِ ﴾ [آية: ٨] مثل قوله:﴿ وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾[الحجرات: ١٤]، يعنى لم يدخل الإيمان فى قلوبكم.﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ ﴾ يعنى نعمة ربك، وهى النبوة، نظيرها فى الزخرف:﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ ﴾[الزخرف: ٣٢]، يعنى النبوة يقول: بأيديهم مفاتيح النبوة والرسالة، فيضعونها حين شاءوا، فإنها ليست بأيديهم ولكنها بيد ﴿ ٱلْعَزِيزِ ﴾ فى ملكه ﴿ ٱلْوَهَّابِ ﴾ [آية: ٩] الرسالة والنبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم. ثم قال: ﴿ أَمْ لَهُم مٌّلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيَنَهُمَا ﴾ يعنى كفار قريش يقول: ألهم ملكهما وأمرهما، بل الله يوحى الرسالة إلى من يشاء، ثم قال: ﴿ فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ ﴾ [آية: ١٠] يعنى الأبواب إن كانوا صادقين بأن محمداً صلى الله عليه وسلم تخلقه من تلقاء نفسه، يقول الوليد: ﴿ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ ﴾ الأسباب، يعنى الأبواب التى فى السماء، فليستمعوا إلى الوحى حين يوحى الله عز وجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم.