﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ ﴾ يوم الحديبية ﴿ فَتْحاً مُّبِيناً ﴾ [آية: ١] وذلك أن الله تعالى أنزل بمكة على نبيه صلى الله عليه وسلم:﴿ وَمَآ أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ ﴾[الأحقاف: ٩]، ففرح كفار مكة بذلك، وقالوا: واللات والعزى وما أمره وأمرنا عند إلهه الذي يعبده إلا واحد ولولا أنه ابتدع هذا الأمر من تلقاء نفسه لكان ربه الذي بعثه يخبره بما يفعل به، وبمن اتبعه كما فعل بسليمان بن داود، وبعيسى ابن مريم والحواريين، وكيف أخبرهم بمصيرهم؟ فأما محمد فلا علم له بما يفعل به، ولا بنا إن هذا لهو الضلال، فشق على المسلمين نزول هذه الآية، فقال أبو بكر، وعمر، رضي الله عنهما، للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا تخبرنا ما الله فاعل بك؟ فقال:" ما أحدث الله إلى أمر بعد "، فلما قدم المدينة، قال عبدالله بن أبي رأس المنافقين: كيف تتعبون رجلاً لا يدري ما يفعل الله به، ولا بمن تبعه؟ وضحكوامن المؤمنين، وعلم الله ما في قلوب المؤمنين من الحزن، وعلم فرح المشركين من أهل مكة، وفرح المنافقين من أهل المدينة، فأنزل الله تعالى بالمدينة بعدما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ ﴾ يعني قضينا لك ﴿ فَتْحاً مُّبِيناً ﴾ يعني قضاء بيناً، يعني الإسلام.