قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ ﴾ [المزمل: ١] يعني الذي ضم عليه ثيابه، يعني النبى صلى الله عليه وسلم، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج من البيت وقد لبس ثيابه، فناداه جبريل، عليه السلام: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ ﴾، الذي قد تزمل بالثياب، وقد ضمها عليه ﴿ قُمِ ٱلْلَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [آية: ٢] ﴿ نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ﴾ [آية: ٣] يقول: انقص إلى ثلث الليل ﴿ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ ﴾ يعني على النصف إلى الثلثين، فخيره هذه الساعات، كان هذا بمكة قبل صلوات الخمس، ثم قال: ﴿ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ﴾ [آية: ٤] يقول: ترسل به ترسلاً على هينتك رويداً يعني عز وجل بينه تبيناً ﴿ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ﴾ [آية: ٥] يعني القرآن شديداً، لما في القرآن من الأمر والنهى والحدود والفرائض ﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ ﴾ يعني الليل كله والقراءة فيه ﴿ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾ يعني مواطأة بعضاً لبعض ﴿ وَأَقْوَمُ قِيلاً ﴾ [آية: ٦] بالليل وأثبت، لأنه فارغ القلب بالليل، وهو أفرغ منه بالنهار.﴿ إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً ﴾ [آية: ٧] يعني فراغاً طويلاً لنومك ولحاجتك، وكانوا لا يصلون إلا بالليل، حتى أنه كان الرجل يعلق نفسه بالليل، فشق القيام عليه بالليل ﴿ وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ ﴾ يعني بالتوحيد والإخلاص ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً ﴾ [آية: ٨] يعني وأخلص إليه إخلاصاً في الدعاء والعبادة، ثم عظم الرب نفسه، فقال: ﴿ رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ ﴾ يعني حيث تطلع الشمس ﴿ وَ ﴾ رب ﴿ وَٱلْمَغْرِبِ ﴾ حيث تغرب الشمس، قال: ابن عباس: تطلع الشمس عند مدينة يقال لها: جابلقا لها ألف باب على كل باب منها ألف حارس، وهم الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه، فقال:﴿ تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً ﴾[الكهف: ٩٠]، وتغرب عند مدينة يقال لها: جابرسا لها ألف ألف باب على كل باب ألف حارس، فيتصايحون فرقاً منها، فلولا صياحهم لسمعتم وجبتها إذا هي سقطت. ثم عظم الرب نفسه، فقال: ﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً ﴾ [آية: ٩] هو رب المشرق والمغرب، يعني يوم يستوى فيه الليل والنهار، فذلك اليوم اثنتا عشرة ساعة، وتلك الليلة اثنتا عشرة ساعة، فمشرق ذلك اليوم في برج الميزان ومغرفة لا إله إلا هو، فوحد الرب نفسه ﴿ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً ﴾ يقول: اتخذ الرب ولياً ﴿ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ ﴾ من تكذيبهم إياه بالعذاب ومن الأذى ﴿ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً ﴾ [آية: ١٠] يعني اعتزلهم اعتزالاً جميلاً حسناً، نسختها آية السيف في براءة ﴿ وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾ يقول: خل بيني وبين بني المغيرة بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم، فإن لي فيهم نقمة ببدر ﴿ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ ﴾ في الغنى والخير ﴿ وَمَهِّلْهُمْ ﴾ هذا وعيد ﴿ قَلِيلاً ﴾ [آية: ١١] حتى أهلكهم ببدر.