﴿ قۤ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس: (هُوَ اسْمٌ مِنْ أسْمَاءِ اللهِ أقْسَمَ بهِ)، وقال القرطبيُّ: (هُوَ افْتِتَاحُ اسْمِهِ: قَدِيرٌ؛ وَقَادِرٌ؛ وَقَاهِرٌ؛ وَقَابِضٌ)، وقال عكرمةُ والضحَّاك وجماعةٌ المفسِّرين: (هُوَ اسْمُ جَبَلٍ مُحِيطٍ بالدُّنْيَا مِنْ زُبُرْجُدٍ أخْضَرٍ اخْضَرَّتِ السَّمَاءُ مِنْهُ، وَهُوَ وَرَاءَ الْحِجَاب الَّذِي فِيهِ تَغِيبُ الشَّمْسُ مِنْ وَرَائِهِ بمَسِيرَةِ سَنَةٍ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ بَلَدٌ إلاَّ وَتَحْتَهَا عِرْقٌ مِنْ عُرُوقِ ذلِكَ الْجَبَلِ، فَإذا أرَادَ اللهُ أنْ يُزَلْزِلَ تِلْكَ الأَرْضَ حَرَّكَ عِرْقَهُ ذلِكَ فَزَلْزَلَ، وَإذا أرَادَ اللهُ بأَهْلِ مَدِينَةٍ هَلاَكاً أمَرَهُ فَحَرَّكَ عِرْقَهُ فَخُسِفَ بهِمْ). قال وهبُ: (إنَّ ذا الْقَرْنَيْنِ أتَى عَلَى جَبَلِ قَاف، فَسَأَلَهُ: هَلْ وَرَاءَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: وَرَائِي أرْضٌ مَسِيرَةَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ فِي عَرْضِ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ جِبَالِ الثَّلْجِ يَخْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَمِنْ وَرَائِكَ أيْضاً أرْضٌ مِثْلُهَا مِنْ الْبَرَدِ، لَوْلاَ ذلِكَ الثَّلْجُ وَالْبَرَدُ لاحْتَرَقْتَ مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ). وقال بعضُهم: معنى قوله تعالى ﴿ قۤ ﴾ قُضِيَ الأمرُ ما هو كائنٌ، وقال أبو بكرٍ الورَّاق: (مَعْنَاهُ: قِفْ عِنْدَ أمْرِنَا وَنَهْينَا وَلاَ تُعَدِّيهِمَا). وَقِيْلَ: معناهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ ﴾؛ أي الشَّريفِ الكريمِ على اللهِ. واختلفَ العلماءُ في جواب القسَمِ، فقال أهلُ الكوفةِ جوابهُ: ﴿ بَلْ عَجِبُوۤاْ ﴾، وقال الأخفشُ: (جَوَابُهُ مَحْذُوفٌ؛ تَقْدِيرُهُ: وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ لَتُبْعَثُ). وَقِيْلَ: جوابهُ﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ ﴾[ق: ١٨].
وَقِيْلَ: جوابهُ﴿ قَدْ عَلِمْنَا ﴾[ق: ٤] كما قالَ اللهُ﴿ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾[الشمس: ١] إلى أنْ قالَ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾[الشمس: ٩] فذلكَ جوابُ القسَمِ، إلاَّ أن اللامَ حُذفت منه، ويجوزُ أن تُجعل (بَلْ) في جواب القسَمِ موضعَ (لَقَدْ). وجواباتُ القسَمِ سِتَّةٌ: ١. (إنَّ) شديدةٌ كقوله﴿ وَٱلْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ ﴾[الفجر: ١-٢] إلى أنْ قالَ:﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ ﴾[الفجر: ١٤].
٢. و (مَا) في النَّفي كقولهِ﴿ وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ ﴾[الضحى: ١-٣].
٣. و (لا) أي النافية، واللامُ مفتوحةٌ كقوله﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾[الحجر: ٩٢].
٤. و (إنْ) الخفيفةُ كقوله﴿ تَٱللَّهِ إِن كُنَّا ﴾[الشعراء: ٩٧].
٥. و (لاَ) كقوله﴿ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ ﴾[النحل: ٣٨].
٦. و (قَدْ) كقوله﴿ وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾[الشمس: ١] إلى أنْ قالَ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا ﴾[الشمس: ٩].
٧. و (بَلْ) كقولهِ ﴿ قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوۤاْ ﴾.


الصفحة التالية
Icon