قوله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ ﴾ السؤال إن كان تعيين الشيء وتبيينه، تعدى للمفعول الثاني بعن كما هنا، وإن كان بمعنى طلب الإعطاء، تعدى للمفعولين بنفسه، كسألت زيداً مالاً، خلافاً لمن فهم أن ما هنا من الثاني وادعى زيادة عن. قوله: ﴿ عَنِ ٱلأَنْفَالِ ﴾ جمع نفل مثل سبب وأسباب، ويقال نفل بسكون الفاء أيضاً وهي الزيادة، لزيادة هذه الأمة بها عن الأمم السابقة، فإنها لم تكن حلالاً لهم، بل كانوا إذا غنموا غنيمة وضعوها في مكان، فإن قبلها الله منهم، أنزل عليها ناراً أحرقتها، وإلا بقيت. قوله: ﴿ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ ﴾ قيل: إن معنى ذلك، أنها مملوكة الله، وأعطاها ملكاً لرسوله يتصرف فيها كيف يشاء، وعلى هذا فقوله:﴿ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ ﴾[الأنفال: ٤١] الآية ناسخة لها، وقيل إن ما يأتي توضيح لما هنا وتفصيل له، والآية محكمة، فيكون المعنى لله والرسول من حيث قسمتها على المجاهدين. قوله: (يجعلانها حيث شاءا) أي فامتثلوا ما يأمركم به. قوله: ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾ أي امتثلوا أمره وأمر نبيه. قوله: ﴿ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ ﴾ أي الحالة وهي الوصلة الإسلامية، فالمعنى اتركوا النزاع والشحناء، والزموا المودة والمحبة بينكم، ليحصل النصر والخير لكم. قوله: ﴿ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ أي فيما يأمركم به. قوله: ﴿ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه. قوله: (حقاً) أي كاملين في الإيمان، فعلامة كمال الإيمان، طاعة الله والرسول، وعدم وجود الحرج في النفس، قال تعالى:﴿ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾[النساء: ٦٥].
قوله: ﴿ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ استئناف مسوق لبيان صفات المؤمنين، فهو كالدليل لما قبله. قوله: (الكاملون الإيمان) بالنصب على نزع الخافض، أي فيه، وفي بعض النسخ بحذف النون، فيكون مضافاً للإيمان. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ ﴾ وصل ﴿ ٱلَّذِينَ ﴾ بثلاث صلات كلها متعلقة بالقلب. قوله: ﴿ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ أي فزعت لاستيلاء هيبته على قلوبهم. قوله: (تصديقاً) أشار بذلك إلى أن التصديق يقبل الزيادة، إذ لا يصح أن يكون إيمان الأنبياء كإيمان الفساق، وما قبل الزيادة قبل النقص، وبذلك أخذ مالك والشافعي وجمهور أهل السنة. قوله: (به يتقون) أشار بذلك إلى أن ﴿ وَعَلَىٰ ﴾ بمعنى الباء، و ﴿ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ بمعنى يتقون، وقوله: (لا بغيره) حصر أخذ من تقديم المعمول، والمعنى أن ثقتهم بالله لا. بغيره، فلا يعتمدون على عمل ولا على مال، ولا يخافون من غيره. قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ ﴾ أي يلازمونها في أوقاتها، مستوفية الشروط والأركان والآداب. قوله: ﴿ يُنفِقُونَ ﴾ أي النفقة الواجبة كالزكاة، أو المندوبة كالصدقة. قوله: ﴿ حَقّاً ﴾ صفة لمصدر محذوف، أي إيماناً حقاً. قوله: (بلا شك) أي لظهور علامة الإيمان الكامل فيهم. قوله: ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ العندية عندية مكانة لا مكان. قوله: ﴿ وَمَغْفِرَةٌ ﴾ أي غفران لذنوبهم. قوله: ﴿ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ أي دائم مستمر لا نكد فيه ولا تعب، مقرون بالتعظيم والتكريم.


الصفحة التالية
Icon