قوله: ﴿ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ ﴾ هذا هو القسم به، والمفسم عليه هو قوله: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً ﴾ وهو من أنواع البلاغة، حيث جعل المقسم والمقسم عليه من واد واحد، كأن الله تعالى يقول: ليس عندي أعظم من كلامي حتى أقسم به. قوله: (أوجدنا الكتاب) أي صيرناه مقروءاً، أي مجموعاً سوراً، موصوفة بكونها عربية، رحمة منا وتنزلاً لعبادنا، لعجزهم عن شهود الوصف القائم بنا، فحدوثه من حيث قيامه بالمخلوقات، وقدمه من حيث وصف الله به، وقد تنزه وصفه عن الحروف والأصوات والجمع والتفرق فتدبر، ودفع بذلك ما قيل: إن ظاهر الآية يدل على حدوث القرآن من وجوه ثلاثة: الأول أنها تدل على أن القرآن مجعول. وأجاب الرازي أيضاً على ذلك: بأن هذا الذي ذكرتموه حق، لأنكم استدللتم بهذه الوجوه، على كون الحروف المتواليات والكلمات المتعاقبة محدثة، وذلك معلوم بالضرورة، وليس لكم منازع.