قوله: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ ﴾ الخ.
﴿ إِذَا ﴾ ظرف لما يستقبل من الزمان، جوابه تحدث وهو عامل النصب في ﴿ إِذَا ﴾ ولذا يقولون: خافض لشرطه منصوب بجوابه، وهذا هو التحقيق عند الجمهور قوله: (حركت لقيام الساعة) هذا أحد قولين، وهو أن الزلزلة المذكورة تكون عند النفخة الأولى، ويشهد له قوله تعالى:﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ ﴾[الحج: ١-٢] الآية، وعليه جمهور المفسرين. والثاني: أنها عند النفخة الثانية، ويؤيده قوله بعد ﴿ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ فإن شهادتها بما وقع عليها، إنما هو بعد النفخة الثانية، وكذلك انصراف الناس من القبور، وأما قوله: ﴿ وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴾ فمحتمل. قوله: ﴿ زِلْزَالَهَا ﴾ مصدر مضاف لفاعله، وهو بالكسر في قراءة العامة، وقرئ شذوذاً بالفتح، وهما مصدران بمعنى واحد، وقيل: المكسور مصدر، والمفتوح اسم. قوله: (تحريكها الشديد) الخ، أي فلا تسكن حتى تلقي ما على ظهرها، من جبل وشجر وبناء. قوله: ﴿ وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ ﴾ إظهار في مقام الإضمار لزيادة التقرير. قوله: ﴿ أَثْقَالَهَا ﴾ جمع ثقل بالكسر كحمل وأحمال. قوله: (كنوزها وموتاها) المناسب أن يعبر بأو لأنهما قولان، قيل: المراد إخراج الأموات، وقيل: المراد إخراج الكنوز، والأول بعد النفخة الثانية في زمن عيسى وما بعده، وهما مفرعان على القولين المقدمين فأعطى الله الأرض قوة على إخراج الأثقال، كما أعطاها القوة على إخراج النبات اللطيف الطري الذي هو أنعم من الحرير. قوله: (الكافر بالبعث) أي بخلاف المؤمن، فإنه يعترف بها ويقول:﴿ هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾[يس: ٥٢].
قوله: (إنكاراً لتلك الحالة) المناسب أن يقول تعجباً من تلك الحالة، لأنه وقت وقوع ذلك لا يسعه إنكار، بل يتعجب من تلك الحالة الفظيعة. قوله: (بدل من إذا) أي والعامل فيه هو العامل في المبدل منه، وقيل غيره، والتنوين عوض عن الجمل الثلاث المذكورة بعد ﴿ إِذَا ﴾.
قوله: ﴿ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ اختلف في هذا التحديث، فقيل: هو كلام حقيقي، بأن يخلق الله فيها حياة وإدراكاً، فتشهد بما عمل عليها من طاعة ومعصية وهو الظاهر، وقيل: هو مجاز عن إحداث الله فيها من الأحوال، ما يقوم مقام التحديث باللسان، وحدث يتعدى إلى مفعولين: الأول محذوف تقديره الناس، والثاني قوله: ﴿ أَخْبَارَهَا ﴾.
قوله: ﴿ أَوْحَىٰ لَهَا ﴾ عداه باللام لمراعاة الفواصل، والوحي إليها إما بإلهام أو رسول من الملائكة. قوله: (بذلك) أي بالتحديث بأخبارها قوله: (في الحديث) الخ، أشار بذلك إلى حديث جرير قال:" قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾ فقال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل ظهرها، تقول: عمل علي كذا كذا "رواه أحمد والترمذي، وصححه الحاكم وغيره.