﴿ بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ * حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ ﴾ سبع الحواميم مكيات قالوا بإِجماع وفي الحديث" أن الحواميم ديباج القرآن وفيه من أراد أن يرتع في رياض مونقة من الجنة فليقرأ الحواميم وفيه مثل الحراميم في القرآن مثل الحبرات في الثياب "وهذه الحواميم مقصورة على المواعظ والزجر وطرق وهي قصار لا تلحق منها سآمة. ومناسبة أول هذه السورة لآخر الزمر أنه تعالى لما ذكر ما يؤول إليه حال الكافر وحال المؤمن ذكر تعالى هنا أنه غافر الذنب وقابل التوب ليكون ذلك استدعاء للكافر إلى الإِيمان والإِقلاع عما هو فيه وإن باب التوبة مفتوح وذكر شدة عقابه وصيرورة العالم كلهم إليه ليرتدع عما هو فيه وإن مرجعه إلى ربه فيجازيه بما عمل من خير أو شر.﴿ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ ﴾ بدل لأنه من باب الصفة المشبهة ولا يتعرف بالإِضافة إلى المعرفة ووقع في كلام الزمخشري في قوله شديد العقاب ما نصه والوجه أن يقال لما صودف بين هؤلاء المعارف هذه النكرة الواحدة فقد آذنت وهذا تركيب غير عربي لأنه جعل فقد آذنت جواب لما وليس من كلامهم لما جاء زيد فقد قام عمرو.﴿ ذِي ٱلطَّوْلِ ﴾ قال ابن عباس الطول السعة والغنى.﴿ مَا يُجَادِلُ ﴾ جدالهم فيها قولهم مرة سحر ومرة شعر ومرة كهانة ومرة أساطير الأولين ومرة إنما يعلمه بشر فهو جدال بالباطل ولما كان جدال الكفار ناشئاً عن تكذيب ما جاء به الرسول عليه السلام من آيات الله ذكر من كذب قبلهم من الأمم السالفة وما صار إليه حالهم من حلول نقمات الله تعالى بهم ليرتدع بهم كفار من بعث الرسول إليهم فبدأ بقوم نوح عليه السلام إذ كان عليه السلام أول رسول في الأرض وعطف على قومه الأحزاب وهم الذين تخربوا على الرسل ولم يقبلوا منهم ما جاؤوا به من عند الله تعالى ومنهم عاد وثمود وفرعون وأتباعه وقدم الهم بالأخذ على الجدال بالباطل لأن الرسل عليهم السلام لما عصمهم الله تعالى منهم أن يقتلوهم رجعوا إلى الجدال بالباطل.﴿ فَكَيْفَ ﴾ إستفهام في موضع خبر كان وعقاب إسم لكان حذفت منه ياء الإِضافة لكونه فاصلة.﴿ وَكَذَلِكَ حَقَّتْ ﴾ الكاف للتشبيه أي مثل ذلك الوجوب من عقابهم وجب على الكفرة كونهم من أصحاب النار وأنهم مع ما بعده يتقدر بالمصدر أي كونهم وهو بدل من قوله كلمة.﴿ ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ ﴾ الآية، لما ذكر جدال الكفار ذكر طاعة هؤلاء لمصطفين من خلقه وهم حملة العرش ومن حوله وهم الحافون به من الملائكة والذين مبتدأ ومن معطوف عليه ويسبحون الخبر ويؤمنون به فائدته شرف الإِيمان وفضله وشرف من تحلى به.﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ يدل على شرف المؤمنين حيث جعل استغفارهم معطوفاً على إيمان الملائكة معطوفاً تقديره وسعت رحمتك وعلمك كل شىء ولما سألوا إزالة العقاب سألوا إيصال الثواب وكرروا الدعاء بربنا فقالوا ربنا وأدخلهم جنات عدن.﴿ وَقِهِمُ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾ أي امنعهم من الوقوع فيها حتى لا يترتب عليها جزاؤها ومن شرطية مفعول أول تبق تقديره أي شخص والسيئات مفعول ثان.﴿ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ﴾ جواب الشرط ونداؤهم قيل في النار والمنادون لهم الزبانية على جهة التوبيخ والتقريع واللام في لمقت لام الإِبتداء أو لام القسم ومقت مصدر مضاف إلى الفاعل والتقدير لمقت الله إياكم أو لمقت الله أنفسكم وحذف المفعول لدلالة ما بعده عليه في قوله: أكبر من مقتكم أنفسكم والظاهر أن مقت الله إياهم هو في الدنيا ويضعف أن يكون في الآخرة كما قال بعضهم لبقاء إذ تدعون فعلتا من الكلام لكونه ليس له عامل تقدم ولا مفسر لعامل فإِذا كان المقت السابق في الدنيا أمكن أن يضمر له عامل تقديره مقتكم إذ تدعون. وقال الزمخشري: وإذ تدعون منصوب بالمقت الأول والمعنى أنه يقال لهم يوم القيامة ان الله مقت أنفسكم الأمارة بالسوء والكفر حيث كان الأنبياء يدعونكم إلى الإِيمان فتأتون قبوله وتختارون عليه الكفر أشد مما اليوم وأنتم في النار وإذا وقعتم فيها باتباعكم هواهن " انتهى ". وفيه دسيسة الاعتزال وأخطأ في قوله: وإذ تدعون منصوب بالمقت الأول لأن المقت مصدر ومعموله من صلته ولا يجوز أن يخبر عنه إلا بعد استيفائه صلته وقد أخبر عنه بقوله: أكبر من مقتكم أنفسكم وهذا من ظواهر علم النحو التي لا تكاد تخفى على المبتدئين فضلاً عمن تدعي العجم أنه في العربية شيخ العرب والعاجم وليس كذلك.﴿ قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثْنَتَيْنِ ﴾ وجه اتصال هداه بما قبلها انهم كانوا ينكرون البعث وعظم مقتهم أنفسهم هذا الإِنكار فلما مقتوا أنفسهم ورأوا حزناً طويلاً رجعوا إلى الإِقرار بالبعث فأقروا أنه تعالى أماتهم اثنتين وأحياهم اثنتين وتعظيماً لقدرته وتوسلاً إلى رضاه ثم أطعموا أنفسهم بالاعتراف بالذنوب أن يردوا إلى الدنيا أي أن رجعنا إلى الدنيا ودعينا إلى الإِيمان بادرنا إليه وتقدم الكلام في الاماتة والإِحياء في البقرة.﴿ ذَلِكُم ﴾ الظاهر أن الخطاب للكفار في الآخرة والإِشارة إلى العذاب الذي هم فيه وذلكم مبتدأ خبره بأنكم لأنه ينسبك ما بعد الباء بمصدر فيكون التقدير عذابكم كائن بسبب كفركم وإشرائككم المذكورين والضمير في بأنه ضمير الشأن.﴿ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ﴾ إي إذا أفرد بالألوهية ونفيت عن سواه.﴿ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ ﴾ أي ذكرت اللات والعزى وأمثالهما من الأصنام صدقتم بألوهيتها وسكنت نفوسكم إليها.﴿ فَٱلْحُكْمُ ﴾ بعذابكم اليوم.﴿ للَّهِ ﴾ تعالى لا لتلك الأصنام التي أشركتموها مع الله تعالى.﴿ ٱلْعَلِـيِّ ﴾ عن الشريك.﴿ ٱلْكَبِيرِ ﴾ العظيم الكبرياء.﴿ فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ﴾ الآية، الأمر للنبيين ورفيع الدرجات خبر مبتدأ محذوف والروح النبوة وقال جبريل عليه السلام يرسله لمن يشاء والأولى الوحي استعار له الروح لحياة المرضية به وسمي يوم التلاق لإِلتقاء الخلائق فيه قاله ابن عباس: يوم هم بارزون أي ظاهرون من قبورهم لا يسترهم شىء حفاة عراة ويوم بدل من يوم التلاق وكلاهما ظرف مستقبل والظرف المستقبل عند سيبويه لا يجوز إضافته إلى الجملة الإِسمية لا يجوز أجيئك يوم زيد ذاهب إجراء له مجرى إذا فكما لا يجوز ان تقول أجيئك إذا زيد ذاهب فكذلك لا يجوز هذا وذهب أبو الحسن إلى جواز ذلك. قال ابن عباس: إذا هلك من في السماوات ومن في الأرض فلم يبق إلا الله تعالى قال لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيرد على نفسه لله الواحد القهار ويوم الآزفة هو يوم القيامة.﴿ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ ﴾ تقدم الكلام عليه في الأحزاب.﴿ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ ﴾ الظاهر أنه من إضافة الصفة إلى موصوفة أي الأعين الخائنة وخيانتها من كسر جفن وغمز ونظر ويفهم منه ما يراد.﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا ﴾ الآية، ابتدأ تعالى قصة موسى عليه السلام مع فرعون تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم ووعيداً لقريش أن يحل بهم ما حل بفرعون وقومه من نقمات الله تعالى بآياتنا أشهرها العصا واليد وقرىء: أو أن وقرىء: يظهر مضارع ظهر والفساد فاعل وقرئ: يظهر مضارع أظهر والفساد مفعول به والفاعل ضمير موسى.